Asdor-768x1024.jpg

ضيف المنعطف
يستضيف هذا الركن من فضاء جريدة المنعطف أطرا و فعاليات، تتنوع أوجه اهتماماتها الفكرية، وتتعدد مجالات اختصاصاتها، في حوار شفاف وهادف، يلامس جملة من القضايا والمواضيع الملحة على الساحة الوطنية سياسية، اقتصادية، اجتماعية وتربوية، لخلق جسور تواصل مباشر مع القارئ والمتتبع. و سنركز على محاور محددة، تستأثر باهتمام عامة أبناء هذا الوطن العزيز.
ضيف اليوم قادم من عوالم مهنة قطاع المحاماة،عضو اللجنة التحضيرية لقطاع المحامين لجبهة القوى الديمقراطية، نرحب بالأستاذ زهير أصدور لنتعرف من خلاله على أهم ما يعيشه قطاع المحاماة اليوم، في ظل ارتفاع الأصوات المحتجة والمنددة بالممارسات التي تحاك ضد المهنة، وأصحاب البذلة السوداء، وعلى ضوء التعديلات المزمع اعتمادها في القوانين المدنية والجنائية على حد سواء.
ســـــــــؤال:
واقع المهنة اليوم في ظل التدبير الحكومي، خاصة وأن الوزير الوصي اليوم على قطاع العدل والقضاء هو محام وأحد أبناء المهنة؟
جـــــــواب:
مهنة المحاماة والمحام اليوم بين المطرقة والسندان. مهنة المحاماة اليوم تفتقر إلى الأمن المهني. الخطورة تتجلى في تدخل الجهاز الحكومي في المهنة بشكل مباشر من خلال حضور النيابة العامة في المجالس التأديبية للمحامين، ومن خلال ما يطبخ اليوم فالوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سيصبح الآمر الناهي، بحيث انتقلت إليه سلطات لم تكن تتوفر سوى لدى الملك عبر السلطة القضائية. ولن تعود هناك استقلالية للمهنة التي دافع عنها أجيال من المحامين. فالدولة عازمة على تقزيم دور المحامين، من خلال طي صفحات تجسد أدوار المحامي النضالية، ولن يعود هناك محام قادر على الدفاع عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. تريد الحكومة خنق أنفاس المحامى عن طريق الحد من استقلاليته وجعله يفكر في ما هو معيشي.
هكذا يريدون تقزيم دور المحامي باعتباره كان الصوت المدافع عن قيم ومبادئ حقوق الإنسان، والعامل على إشاعتها، وهو المحتك بهموم المواطن في شتى القضايا والمجالات. يريدون فصل المهنة عن أسرة القضاء(السلطة القضائية). ستعود السلطة القضائية مستقلة وتفقد المحاماة استقلاليتها. والثابت أنه كلما استوزر محامي من أسرة المحاماة إلا وتعيش المهنة معاناة كبيرة. لم نلاحظ أية إضافة إلى المهنة منذ مجيء المحامي الرميد إلى وزارة العدل.
ســــــــــؤال:
المهنة اليوم بين المطرقة والسندان، أي دور لجمعية هيئة المحامين؟ ما هو برنامج اشتغالها للوقوف في وجه هذه الممارسات؟
جـــــــــواب:
لا نلوم الوزير وحده في فقدان المهنة لاستقلاليتها، بل هناك دور تتحمله جمعية هيئة المحامين بالمغرب، والتي كان دورها خافتا، ولا يناسب قوة وزخم المهنة ورجالاتها، لأن أسلوبها أصبح عقيما في تناول قضايا وانشغالات أسرة المحاماة.
مهنة المحاماة اليوم في أمس الحاجة إلى مجلس وطني، يقوم بالسهر على شؤون المهنة، مدافعا ومفاوضا عنها، ينتخب من داخل الجمعيات العمومية للهيئات وليس عن طريق مجالس الهيئات، فلا يمكن لوم المحامي على تعاسة المهنة، فهو مواطن إنسان وهو مرآة مجتمعه. ففي الوقت الذي كان فيه المحامون يطمحون لاحتكار المهنة،كما يحتكر الآخرون مهنهم بقوة القانون، يتم اليوم التراجع حتى عما كانوا يتمتعون به في ظل القوانين السابقة، والمثال الذي أوردناه سابقا :هل يعقل أن ملفات التطليق تعفى من تنصيب المحامي للدفاع وأيضا حوادث الشغل في ظل المشروع المقترح؟ أليس كل ما يتم الإعداد له فيه خنق للمهنة؟.
إن أهمية القطاع تكمن في امتصاصه لشريحة من المعطلين ومن القضاة المتقاعدين الذين يلجؤون إلى المهنة لتبييض وجوههم وتبييض أموالهم. لقد كان من واجب الدولة أن تفكر في إنعاش هذا القطاع عبر ترسيم احتكار المهنة، والتزامها بتنصيب محامي عنها في ظل معايير يمكن الاتفاق عليها، تفاديا لأية محاباة أو زبونيه.
ســــــــؤال:
هل لك الأستاذ زهير أصدور أن تلخص بعضا من مظاهر التدبير الحكومي التي تشكل خطرا على المهنة؟
جــــــــواب:
في الوقت الذي ينتظر فيه المحامون تمرير مشروع قانون المهنة الجديد يتم الإعلان عن مباراة لولوج المهنة من طرف الوزارة قصد تعويم المهنة، وعوض توسيع اختصاصات المحامي تعمل على تقليصها، وإغراقها بمجموعة من الشباب يتم الزج بهم في أحضان مهنة، لا يعلمون واقع ما تعيشه من معاناة، وما يخنق أنفاسها. فالوزارة الوصية هي مصدر تعاسة المهنة، ثم أنها حرصت على عدم إشراك المحامين، وتمكينهم من الإشراف على المهنة سواء من حيث الانخراط في تنظيم المباراة أو من حيث الإشراف على التكوين والتكوين المستمر في معاهد تنشئها الدولة لفائدة هذه الشرائح حفاظا عليها من الانزلاق.
عبد الرحيم لحبيب


12.jpg

يستضيف هذا الركن من فضاء جريدة المنعطف أطرا و فعاليات، متنوعة الاهتمامات الفكرية، متعددة الاختصاصات، في حوار شفاف وهادف، يلامس جملة من القضايا والمواضيع الملحة على الساحة الوطنية سياسية، اقتصادية، اجتماعية وتربوية، لخلق جسور تواصل مباشر مع القارئ والمتتبع، سنركز على محاور محددة، تستأثر باهتمام عامة أبناء هذا الوطن العزيز.
ضيف المعطف اليوم هو بن عيسى البهلولي واحد من المتقاعدين الذين خبروا تجارب الحياة، وراكموا من المعارف ما يجعل منه نموذجا للثروة البشرية والرأسمال اللامادي اللذين يستوجبان الاهتمام والتثمين، عضو اللجنة التحضيرية لقطاع المتقاعدين وفئة السن الثالث…
ســـؤال:
ضمن أولويات اهتماماتكم كثفتم في الفترة الأخيرة الجهود لخلق إطار تنتظم فيه فئة أصحاب السن الثالث، كيف تبلورت لديكم فكرة الاهتمام بهذه الشريحة؟
جــــواب:
ربط المطالب بالفكرة
فئة المتقاعدين شريحة واسعة يجب التعامل معها باعتبارها رأسمالا لا ماديا، وثروة بشرية هائلة ، راكمت تجارب مهمة، واكتسبت عبر السنين خبرات ومعارف، في شتى الميادين.
إن هذه الفئة عاشت منذ فجر الاستقلال و إلى اليوم أحداثا ووقائع غنية بالتجارب والخبرات،فمجرد استحضار المحطات الكبرى، التي عاشها هؤلاء يستوجب الاهتمام بهذه الذاكرة. فالدولة والمجتمع مطالبان اليوم بالتفكير الجدي والهادف لاستثمار هذا الرأسمال البشري وتنميته ليكون منتجا وفاعلا في الحياة، خصوصا وأن فئة المتقاعدين اليوم يتمتع جل أفرادها بالقدرة على العطاء، وتقديم الخدمات، ثم إن هذه الشريحة مارست مهام ومسؤوليات متنوعة في أسلاك الوظيفة العمومية بكل تشعباتها واختصاصاتها. اليوم نلفت انتباه المسؤولين في الدولة والمجتمع للإفادة والاستفادة من هذا الثراء البشري خدمة لمصلحة الوطن.
ســـؤال:
أهمية شريحة المتقاعدين كرأسمال و ثروة لا مادية، تزخر بالكفاءات والتجارب تستوجب إذن تعميق التفكير، لاستثمار هذا المخزون الهائل من العطاء، كيف تفكرون في ترجمة هذه المعطيات إلى واقع ملموس يحقق الأهداف المرجوة؟
جــــواب:
الأولوية توجب الانكباب على التنظيم، بحيث كلما تأتى خلق إطار ملائم، للتنظيم و الهيكلة، سنتمكن من ترسيخ القناعة لدى المسؤولين، بأهمية تثمين هذا المخزون من العطاء، وبالتالي فالمسنون اليوم، أحوج ما يكونون إلى تثمين وضعهم الاعتباري والنفسي، و ضرورة إشراكهم في اغناء تجارب الأجيال الحالية والأجيال القادمة . ومع الأسف الشديد أن تنظيمات حاولت احتواء هذه الفئة، دون جدوى، واقتصر دورها على محاولات محدودة لتجميعها من خلال الضرب على وتر أهداف مادية بئيسة.
ســـؤال:
السيد بن عيسى البهلولي وأنتم تعرضون للحاجة الملحة لتشكيل إطار قانوني لتثمين قدرات المتقاعدين والمسنين، ما هو في نظركم النموذج الأمثل للاهتمام بأوضاعهم و بلورة آليات تنظيمهم؟
جــــواب:
سنعمل على الانطلاق في بلورة التنظيم الأنسب بدءا بمتقاعدي جبهة القوى الديمقراطية إلى أن تنضج فكرة تكوين جمعية تسمو إلى مستوى الفكرة، ونحن نعلم أن فئات المتقاعدين تتعدد بين من هم من الوظيفة العمومية، وهناك آخرون من القطاع الشبه عمومي و القطاع الخاص، فهي شريحة واسعة تختزل معارف وطاقات لا يستهان بها في التأطير والتفكير و الإنتاج.
إن الغاية من التنظيم هو التحكم في طرح الإشكالات الحقيقية المرتبطة بهذا القطاع. فالمسن حتى وان شاخ يبقى قيمة وطاقة فكرية. هناك غياب بنيات تؤطر فئات المتقاعدين وتتيح لهم الفرص لمواجهة المشاكل المرتبطة بالتقدم في السن . ونظرتنا تنطلق من إيماننا برؤية المغرب يتطور ويسير نحو الأفضل. لضمان متطلبات العيش الكريم وبتماسك بنية المجتمع بأكمله.
وختاما فخلق إطار لقطاع المتقاعدين والمسنين نعتبره في جبة القوى الديمقراطية تجسيدا لمرجعية الحزب الذي يعتبر نفسه حزب أفكار لا يلهث وراء مطامح محدودة ومختزلة في رؤية مسطحة للواقع.
عبد الرحيم بنشريف


Asdor1.jpg

يناير 10, 2015 رأي

المحاماة بالمغرب.. الواقع و الرهانات

 زهير أصدور محام بهيئة الرباط

مهنة المحاماة مستهدفة من طرف جهات و مؤسسات حكومية و مؤسسات دستورية

  • نزهة خبيزة محامية بهيئة الرباط

جبهة القوى الديمقراطية بصدد خلق إطار مهني للمحامين كمبادرة لوعي الأحزاب بأهمية حماة الحقوق
Nazha
 
دور مهنة المحاماة من أجل الدفاع عن الحريات والحقوق الأساسية دور حاسم ، إزاء التحديات الجديدة في مجال حقوق الإنسان و مقتضيات دستور 2011، ما يحمل المحامين أكثر من أي وقت مضى مسؤولية لعب دورهم كاملا لدى الفاعلين والمنخرطين في معركة إقرار العدل ودولة القانون والحريات الأساسية.
ومما لا شك فيه أن مهنة المحاماة لها جذور راسخة في التاريخ ومرت عليها عبر قرون طويلة ما لا يحصى من المحن والمعارك والكفاح المرير إلى أن أصبحت واضحة المعالم ومتميزة المكاسب ومعترف لها بالدور العظيم الذي تؤديه في خدمة العدالة.
وفي سياق الحراك المهني و الحقوقي الذي يخوضه المحامون بالمغرب، للدفاع عن مكتسباتهم الحقوقية، و المهنية، سواء عن طريق سن قوانين، أو طرح مشاريع أخرى، أو إعداد تقارير تمس في العمق الرسالة الإنسانية النبيلة للمحاماة، أو التصدي للتراجع عن المكتسبات، أصبح المحامون ملزمين بالدفاع عن مطالب مهنتهم و في مقدمتها الإصلاح الحقيقي لمنظومة العدالة، وبالوقوف في وجه محاولات المساس بالحرية وحقوق الدفاع ، وبشروط المحاكمة العادلة وبحقوق المواطنين في الولوج المتيسر إلى العدالة وبالمكتسبات المهنية الراسخة.
في هذا الإطار أجرينا هذا الحوار مع الأستاذين زهير أصدور و نزهة خبيزة ، المحاميان بهيئة الرباط، لتسليط الأضواء على مشاكل وتحديات المهنة:
 
إعداد: أمال المنصوري
 
1- ما هو تقييمكم للحراك الحاصل في قطاع المحاماة بمناسبة تجديد هياكل هيئات المحامين؟
** تعيش مهنة المحاماة اليوم في المغرب، بمناسبة تجديد هياكل هيئات المحامين، فترة انتخاب هياكلها بطريقة عادية، و هو تقليد صارت عليه مهنة المحاماة بالمغرب منذ تأسيسها. هي فترة تتجدد فيها الهياكل بعد مرور ثلاث سنوات بشكل دوري. هي مناسبة أيضا لكل المحامين و المحاميات للالتقاء و التواصل و تبادل الاقتراحات، مناسبة ايضا للمرشحين من النقباء أو أعضاء المجلس لتقديم برامجهم و أنفسهم لزميلاتهم وزملائهم في الهيئة.
ما تعيشه الهيئات اليوم، تعبير واضح عن روح الديمقراطية التي دافع عنها المحامون في المغرب لسنوات طوال.
 
2- كيف تفسرون التشنج الحاصل بين وزارة العدل و جمعية هيئات المحامين بالمغرب حول مطالب المهنة؟
**أعتقد أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب تمثل كافة الهيئات الموجودة في المغرب، بطبيعة الحال الجمعية لها مطالب مبنية على خلاصة مؤتمرات و ندواتها الدراسية التي تعقدها هذه الجمعية في مناسبات معينة لتدارس إما قانون المهنة أو لتدارس مشاريع قوانين تتعلق بممارسة المهنة و بالتنظيم القضائي و بالترسانة القانونية بصفة عامة، و بالتالي هي المخاطب الرسمي مع الأجهزة الحكومية، و بخصوص سؤالكم حول التشنج الحاصل نعتبره صادرا من الجهات الحكومية و ليس من جمعية هيئات المحامين، لأنها تحمي القطاع بصفة أساسية، الجمعية لها مطالب مهنية جاءت عبر مكتسبات حققتها طيلة مسارها منذ تأسيس قطاع المحامين بالمغرب. و الجميع يعلم الدور الذي يقوم به جهاز الدفاع، فإذا مس انهارت جميع القطاعات المرتبطة به.
و أنا أقول أنه ما تزال الجمعية تحتاج للعمل المتواصل لكون مهنة المحاماة مستهدفة من طرف جهات و مؤسسات حكومية و مؤسسات دستورية، في الوقت الذي أعطى فيه مجلس المنافسة رأيه في مهنة المحاماة دون مراعاة مكتسبات هذه المهنة على مدى سنين، وفي الوقت الذي يتجرأ فيه رئيس الحكومة في البرلمان على أن يطعن في مهنة المحاماة بدون موجب و بدون سند، ما يزال وزير العدل و الحريات يرفض الاستجابة لمطالب جمعية هيئات المحامين و هو العليم بهذه المهنة، وهذا بطبيعة الحال سيخلق التشنج، وهو ما نعتبره تشنجا مشروعا دفاعا عن المهنة.
 
3- ما هو تعليقكم حول عدم قبول رئيس الحكومة لطلب النقباء بتحديد موعد للحوار؟
**باعتقادي الشخصي، أعتبر طلب المحامين للجلوس إلى طاولة الحوار مع رئيس الحكومة، فرصة للحكومة، لن تجدها مرة أخرى سواء في ظل الحكومة الحالية أو الحكومة المقبلة. فمهنة المحاماة باقية بمحامييها و محامياتها و الحكومة راحلة، و ستأتي حكومة أخرى، و ربما مشاريع القوانين هي نتاج حراك و صراع الكل يعرفه، ربما بعد أربع أو خمس سنوات سيحصل تغيير في المواقف.
بعد تماطل رئيس الحكومة في تحديد موعد للحوار، علينا أن نطرق باب السدة العالية بالبلاد، لأن كل الطرق في الحوار استنفذت و لم يبق إلا التحكيم الملكي في هذا الموضوع، بعدما تأكدنا أننا نتعامل بمبدأ الحسابات الشخصية وليس بما هو مهني يحمي مصالح البلاد. هذا المقترح يظل شخصيا في انتظار توافق محاميي المغرب عليه. و هذا ما أثر على المواطن الذي فقد الثقة في كل مكونات الدولة، لافتقاد المصداقية بين المواطن و الحكومة.
المحامون ليسوا أصحاب خبز، هم أصحاب قيم و مبادئ يؤمنون بها، و نحن على استعداد للجلوس إلى طاولة الحوار للخروج من هذه الأزمة قبل اللجوء إلى ملك البلاد.
 
4- ما رأيكم في مشروع قانون المحاماة؟
** الجمعية طرحت مقترح قانون المحاماة، استنادا إلى توصيات الندوات التي عقدتها جمعية هيئات المحامين بكل من الرباط و فاس، و التي أسفرت عن خلاصات مهمة. المشروع يحمل مجموعة من الإجراءات الموضوعية، و هو تكملة للمكتسبات التي حققتها مهنة المحاماة عبر سنوات. و بالتالي إذا كانت الحكومة لا ترغب في هذا التجاذب الحاصل بينها و بين هيئات المحامين عليها أن تقر بمجموعة من الإصلاحات التي يطالب بها المحامون لتضمينها في قانون المهنة.
5- إلى أي حد يمكن للمحاماة أن تلعب دورا حاسما في إصلاح القضاء؟
** المحاماة لها دور محوري في إصلاح القضاء، فقد كانت هيئة المحامين الوحيدة التي تدافع عن القضاء، في الوقت الذي كان القاضي لا يجرؤ حتى على الكلام. هيئات المحامين عبر مؤتمراتها أصدرت توصيات منذ سنة 1962 كلها ترمي إلى استقلال القضاء و إلى الدفاع عن حقوق القضاة.
اليوم عندما أصبح الكل يمارس حقوقه و يتكلم، بدأ البعض يقزم من دور المحامين و دورهيئات المحامين بالمغرب التي كانت بالأمس القريب حامية للحقوق و هي من يدافع بشكل شرس على حقوق المواطنين و عن الحريات العامة.
 
 
6- كثيرا ما يتخذ البعض المحاماة كملجأ ضد البطالة، ألا ترون أنه حان الوقت لوضع معايير و شروط صارمة لكل من يود ولوج هذه المهنة؟
**بطبيعة الحال حان الوقت، لتحصين مهنة المحاماة حتى لا تكون ملجئا لمن لا مهنة له، و هذا التحصين يجب أن يبدأ بإنشاء معاهد بعد الاختبارات، و تكون لجمعية هيئات المحامين دورا أساسيا في تحديد العدد الذي يتعين ولوج المهنة، و ليس وزارة العدل و الحريات، كما حددت الآن 5000 منصب للمحامين. الوزارة تريد إغراق المهنة بعدد من الشباب و عدد من الوافدين، الذين سيؤزمون الوضع أولا، ثانيا سيدخلون غمار المهنة و هم يجهلون مصيرهم، يجهلون إكراهات المهنة و ما يمكن أن تؤدي بهم مستقبلا. إذن حان الوقت لتقديم اقتراحات في هذ ا الموضوع سواء في قانون المهنة، أو سواء في قوانين مرتبطة، لان الدور الأساسي يكون في تحديد معايير الولوج لهذه المهنة، و من اختصاص أصحاب المهنة تحديد العدد الكافي الخاص للالتحاق بها. إذ لا يعقل أن نقبل 5000 محام و محامية، في الوقت الذي يصل عدد المحامين في المغرب حوالي 15000 محام و محامية. و باختيار ثلث المحامين جدد يتم إغراق المهنة ، و قد حان الوقت لوقف هذه المسألة.
و النصوص التي تؤكد على تنظيم مهنة المحاماة: المادة 1 : المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء.
المادة 2 : لا تجوز ممارسة مهنة المحاماة، وتحمل أعبائها، والتمتع بامتيازاتها، والقيام بمهامها، إلا لمحام مسجل بجدول إحدى هيئات المحامين بالمغرب أو محام متمرن مقيد بلائحة التمرين لدى إحدى الهيئات المذكورة.
تمارس مهنة المحاماة، طبقا لمقتضيات هذا القانون، مع مراعاة الحقوق المكتسبة.
المادة 3 : يتقيد المحامي في سلوكه المهني، بمبادئ الاستقلال، والتجرد، والنزاهة، والكرامة والشرف، وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة.
المادة 4 : يمارس المحامون مهنتهم في إطار هيئة المحامين المحدثة لدى كل محكمة استئناف. تتمتع كل هيئة بالشخصية المدنية والاستقلال المالي.
7- ألم يحن الوقت لجمعية هيئات المحامين لتقديم ملتمس تحديد الخصاص في المهنة؟
** بالفعل يجب على المشرع أن ينتبه لهذا الموضوع، و المحامون بمقدورهم ذلك، لأن أي محام قبل ترشيحه و بعد نجاحه في الامتحان لا بد أن يجتاز فترة تمرين. فإذا قررت جمعية هيئات المحامين بالمغرب عدم استقبال الوافدين لن يتمكنوا من ولوج المهنة حتى بعد نجاحهم، و بالتالي ستكون هناك عرقلة ترسيم المحامي في جدول الترسيم مستقبلا. و هذا لن يحدث إلا إذا اتفق كل محاميي المغرب. نتمنى أن تعي الحكومة بخطورة هذا الإجراء ، و أن الصراع لن يفيدها في أي شيء لكون مهنة المحاماة مهنة عريقة و شريفة، و لا يمكن القفز على دور المحامي بهذه السهولة، و كل من يفكر في ذلك فهو واهم. خصوصا و أن جمعية هيئات المحامين لم تختر بعد التصعيد وطنيا و دوليا، فكما يعلم الجميع المحامي له وزن كبير دوليا، و صوته مسموع دوليا .
8- جمعية هيئات المحامين اختارت تدويل قضيتها في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد بمراكش مؤخرا، ما تعليقكم على ذلك؟
** لا بد من الإشارة أولا إلى أنه في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، كان هناك حيف بالنسبة للمحامين، إذ كما يعلم الجميع أن المحامين هم في طليعة المدافعين عن حقوق الانسان في المغرب، فكيف يعقل أن بعض الهيئات في المغرب تم منحها عضوية شخصين، في حين أن بعض الهيئات مثلت بعشرة أشخاص. في الوقت الذي دافع فيه نقباء عن تمثيلية أكبر. مثلا نقيب مراكش طالب من اللجنة المشرفة على المنتدى أن تمنحهم على الأقل 40 عضوية للمحامين من أجل المشاركة في المنتدى دون تحمل المنتدى لأي مصاريف( المبيت، الأكل) لأن جل المحامين مقيمون في مراكش، مع ذلك تم رفض الطلب و لم يتمكن نقيب مراكش من الحصول على عضويتين إلا يوم انعقاد المنتدى.
بالرجوع إلى قضية تدويل ملف المحامين، وإصدار بيان مراكش، هذا يعد خطوة مهمة في تاريخ مهنة المحاماة.
9- ما هي آفاق مهنة المحاماة على ضوء ما قضى به دستور 2011؟
** منذ تصويتنا على دستور 2011، قلنا جاء الفرج، لأنه عند الاطلاع على فحوى النصوص تستبشر خيرا. لكن بعد تولي حكومة بن كيران مسألة تنزيل الدستور، و التي لا نعتبرها تنزيلا بل تقزيما، أصبحت النصوص لا جدوى منها و الدليل انه هناك من النصوص التي نصت على الحريات العامة تم القفز عليها.
فمثلا في مشروع المسطرة الجنائية تم رفض حضور المحامي لعملية الاستنطاق خلال وجود الشخص تحت الحراسة النظرية، و تم الاكتفاء بحضور المحام في استنطاق الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة بشكل مؤقت، هذا يعني غبن، و يعني أيضا إقبارا لروح دستور 2011.
10- أنتم بصدد خلق إطار مهني للمحامين داخل حزب جبهة القوى الديمقراطية. ما هي انتظاراتكم من هذا الإطار؟
 
جبهة القوى الديمقراطية اختارت خلق إطار مهني للمحامين داخل الحزب، خلال هذه الفترة الحرجة التي تعيشها مهنة المحاماة، لأننا نحن التحقنا بالمهنة أواخر الثمانينات، و منذ هذه المدة أصبحت مهنة المحاماة مسرحا للتجارب، و أصبحت مستهدفة من جميع الأطراف. كما تعلمون أن اختصاصات المحامي و بشكل متعمد منحت لجهات أخرى، و هو ما حدث من تغيير في مشروع المسطرة المدنية، هذا  المشروع الذي أظهر بالواضح تقزيم دور المحامي في جميع القضايا. و الذي يؤكد نية القضاء على مهنة المحاماة من خلال تصريح رئيس الحكومة، الذي عمل على خلق البلبلة حتى تمرر مشاريع القوانين التي تمس جوهر مهنة المحاماة.
 
مهنة المحاماة مهنة شريفة و مهنة مستقلة، و منذ البدايات و هي تدافع على حقوق الانسان و على حقوق الأفراد بشكل مستميت، و التاريخ يشهد على ذلك، و اليوم نحن نراهن “إما أن نكون أو لا نكون”، لأن المحامي بصفة خاصة انتهى صبره.
 
أنا لست ضد اجتياز 5000 محام و محامية لامتحان المحاماة، لكن على الدولة أن تفتح الأوراش و الأبواب لهؤلاء المحامين. و هو ما لم تقدمه الدولة لهؤلاء و سقطت في متاهة إغراق المهنة ببطالة أخرى. و اختارت أيضا تغيير المسطرة المدنية لحذف اختصاصات المحامي و هذا تناقض واضح لدى الحكومة.
 
من جهة أخرى، الحكومة اعلنت في وقت سابق، عن ان اجتياز مهنة المحاماة سيكون فقط لحاملي شهادة الماستر، و هو ما لم تطبقه و ظل كلاما في الهوى و فتحت الباب على مصراعيه، و التاريخ يسجل ذلك. يسجل على أي مسؤول ما يقوله، و مالم ينفذه و ما لم يطبقه.
 
عندما يصرح رئيس الحكومة، و يقول ان كل شخص يمكن له أن يدافع عن نفسه، فهو يضرب المبادئ الأساسية التي وفرها دستور 2011 للمواطن المغربي. إذن منذ2011 و نحن نعيش في تناقضات. و نحن نراهن على أن يكون نقباء أقوياء لديهم الشجاعة الكافية في المواجهة بالاشتراك مع قاعدة المحامين لأننا نحتاج إلى تكثف الجميع من أجل مقاومة الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة حاليا.
 
في خضم هذه الصراعات، نعلم جيدا أن لا أحد يقوم بدور المحام، لأنه ليس دراسة للقانون بل هو ممارسة يومية و اجتهادات يومية. دوره يتمثل في تنوير عمل القاضي، فبدون جهاز الدفاع لما استطاع القاضي البت في أي قضية. إذ بالمس بجهاز الدفاع لن يكون هناك أي إصلاح في منظومة العدالة بصفة نهائية.
 
لكل هذا عملت جبهة القوى الديمقراطية، على أن تخلق هذا الإطار حتى تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها، إذ لا يمكن أن تظل الأحزاب في الوراء و لا نراها إلا في الانتخابات. الحزب اليوم في المغرب إذا لم يملك إطارات قوية، و خاصة المحامون لأنهم اللسان القوي و المعبر، لا يرجى في  ذاك الحزب خيرا. مثلا في الدول الاوروبية نجد ان المحامين يحتلون المناصب العليا و يصبحون رؤساء لدولهم، و هو نفس الشيء الذي كان في المغرب  بحيث كانت المناصب الحساسة يحتلها المحامون، لكن اليوم نحن نعيش الآية معكوسة، الهدف من هذا فيه ما هو مهني محض، إذ تبين ان المحامي لا يمكن له أن يكون رجلا للسياسة، لأن هذه الأخيرة و الدفاع يكتملان مع بعض، و لا يمكن أن نقول أن مهنة المحاماة خلقت للاسترزاق منها فقط. جبهة القوى الديمقراطية هي بصدد تهيئ قانون داخلي فيما يخص قطاع المحاماة في الحزب.
 
11- ما هو رأيكم حول موقف الحكومة المغربية من الامتناع عن التصويب عن قرار وقف تنفيذ عقوبة الاعدام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
 
** في الوقت الذي كان فيه رأي الجميع مستقرا على ان الحكومة المغربية ستدعم رأي الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقف عقوبة الإعدام، نفاجئ برد فعل الحكومة المغربية كعادتها. هو موقف لحد الساعة نستغرب له، ففي الوقت الذي كانت الرسالة الملكية الموجهة في المنتدى العالمي لحقوق الانسان الذي انعقد أواخر شهر نونبر بمدينة مراكش، اعتقدنا أن المغرب سيسير في اتجاه منع تنفذ عقوبة كباقي دول العالم. المؤسف في الأمر أننا نخرج على الإجماع الدولي.
 
نتمنى أن ترجع الحكومة المغربية إلى جادة الصواب و أن تعمل على الاستجابة للمبادئ التي نص عليها دستور 2011 و خاصة الفقرة المتعلقة بالحق في الحياة و المفروض على الحكومة عدم الذهاب عكس الاتجاه.
 
لا نعلم اليوم، هل نصوص دستور فاتح يوليوز 2011 التي تم الإجماع عليها جاءت لتطبق فعليا على أرض الواقع، أم حسب رغبات و أهواء المسؤولين، إذ لا يعقل أن ينص دستور المملكة على الحق في الحياة و تمتنع الحكومة عن وقف عقوبة الاعدام. و ما يمكن قوله باختصار ان بنود الدستور لا تطبق بشكل إيجابي.
 
12- بالرجوع إلى انتخابات الهياكل بنقابات المحامين، ما هو تقييمكم لحضور العنصر النسوي؟
 
** مشاركة المرأة المحامية في الانتخابات المهنية هي مفتوحة، و لا توجد أي عراقيل أمامها، لكن لا أدري لماذا لم ترشح المحامية نفسها إلا بنسبة ضئيلة، 12 ترشيحا مقارنة مع عدد المحاميات المسجلات بجدول المحاماة.
نوافذ:
**
كل الطرق في الحوار استنفذت و لم يبق إلا التحكيم الملكي في هذا الموضوع
**
المحامون ليسوا أصحاب خبز، هم أصحاب قيم و مبادئ يؤمنون بها
**
اليوم نحن نراهن “إما أن نكون أو لا نكون”، لأن المحامي بصفة خاصة انتهى صبره
**
نتمنى أن ترجع الحكومة المغربية إلى جادة الصواب و أن تعمل على الاستجابة للمبادئ التي نص عليها دستور 2011 و خاصة الفقرة المتعلقة بالحق في الحياة
 
 


Omar.jpg

نونبر 11, 2014 رأي
  • عمر الحسني

   سيظل خطاب صاحب الجلالة بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء المظفرة ، الخطاب الجامع للكلمة الفصل في مختلف جوانب النزاع حول الصحراء المغربية ، في أبعاده الوطنية والإقليمية والدولية .

   فقد اعتبر جلالة الملك ، أن الأوراش التي يقدم عليها المغرب خلال السنة المقبلة والمتعلقة بتفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية ، ستكون حاسمة لمستقبل المنطقة . ويأتي هذا المنظور الملكي منسجما ، ومؤكدا لما عبر عنه جلالته في أكثر من مناسبة ، بأن المغرب لن يرهن مستقبله ومستقبل أقاليمه الجنوبية بمتابعة مناورة خصومه وخصوم وحدته الترابية ، وأنه سيواصل مسيرته الوحدوية التنموية والديمقراطية بثبات ، ويفعل قراراته بشأن الجهوية المتقدمة وإنجاز النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية ، دون تأخير .

   وفي ذات الوقت ، يظل المغرب ملتزما أمام المنتظم الدولي بمقترح الحكم الذاتي بصفته ” أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب ، في إطار التفاوض ، من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي ” ، على أن تبرهن الأطراف الأخرى والمنتظم الدولي عن إرادتها الجدية والفعلية في السعي إلى التوصل إلى حل سياسي نهائي يضمن الحقوق الوطنية التاريخية للمغرب في وحدته الترابية ، ويحفظ وجه ماء الأطراف الأخرى . بما يضمن الأمن والاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا ، ويعيد العلاقات الجزائرية المغربية إلى مجراها الطبيعي ، ويطلق سراح قطار بناء الاتحاد المغاربي .

   لكن ، وفي كل الأحوال ، لامجال لتوقيف مسيرة المغرب الوحدوية التنموية والديمقراطية . وفي هذا السياق ، كان الخطاب الملكي جامعا في توضيح وتدقيق مواقف المغرب من مختلف جوانب ملف النزاع حول أقاليمه الصحراوية الجنوبية ، مع ما طبعه من كشف لحقائق هذه الجوانب ، وحزم في المواقف تجاهها .

   فقد ذكر جلالته بالتضحيات الجسيمة التي قدمها المغاربة طيلة أربعين سنة ، أرواحا وأموالا ، لأجل تنمية الأقاليم الجنوبية المسترجعة من يد الاستعمار الإسباني ، باعتبار قضية الأقاليم الصحراوية الجنوبية ليست قضية الصحراويين وحدهم ، بل قضية كل المغاربة . مفندا ، بالحجة الدامغة الادعاءات المغرضة لخصوم الوحدة الترابية استغلال المغرب لـ “ثروات ” الأقاليم الجنوبية . هذه الأقاليم التي تتلقى من استثمارات الدولة سبع مرات حجم مداخيلها .

   وأكد جلالته ، أن ما شاب التدبير المحلي بالأقاليم الجنوبية من بعض الاختلالات ، لا يمكن أن يغطي ، أن هناك من جعل من استمرار النزاع حول الصحراء المغربية مرتكزا لممارسة مختلف أشكال الابتزاز من أجل الحصول على امتيازات ريعية ، على حساب باقي الفئات الواسعة من الصحراويين ، وجعل من الوطنية سلعة للمقايضة المادية ، واضعا بحكم ذلك قدما بالمغرب وأخرى لدى خصوم المغرب وخصوم وحدته الترابية .

   وإذا كان الخطاب الملكي قد أكد أن قرار تفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية ، يروم وضع قطيعة مع نمط التدبير المحلي السابق ، لإنصاف كل أبناء الصحراء ، وإنصاف الأغلبية الصامتة المؤمنة بوحدة الوطن . فإنه يؤكد ، من جهة أخرى ، أنه لم يعد مقبولا البتة ، استغلال فضاء الحقوق والحريات الذي أرساه المغاربة – عن قناعة واختيار وطنيين سياديين – للتآمر على المغرب ، وعلى مصالحه الوطنية العليا وثوابته ومقدساته. ” فجميع القوانين الوطنية والدولية ، تعتبر التآمر مع العدو خيانة عظمى ” . فكيف يمكن التساهل مع الخيانة العظمى ؟

   الوضوح والدقة والحزم ، الذي طبع الخطاب الملكي في تناول النزاع حول أقاليمه الجنوبية ، في أبعاده الوطنية ، هو نفس الوضوح والدقة والحزم في تناول النزاع في جوانبه الإقليمية والدولية ، ليكتمل المنظور الملكي الجامع لمختلف جوانب ملف النزاع حول الصحراء المغربية .

   يؤكد جلالة الملك ” أن سيادة المغرب على كامل أراضيه ثابتة ، وغير قابلة للتصرف أو المساومة ” . وعليه ، فإن أي محاولة – من أي جهة كانت – لغرض مراجعة معايير التفاوض التي أقرتها القرارات الأخيرة لمجلس الأمن ، هي محاولات مرفوضة بشكل قاطع وحازم . وبشكل قاطع وحازم ، مرفوضة أي محاولة لمراجعة مهام المينورسو قصد تغيير أو توسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية المغربية . والخطاب الملكي يجدد بذلك التأكيد على هذا الرفض الذي عبرت عنه مختلف مكونات الأمة بشكل حازم ، وفي مختلف المناسبات .

والمثير للإنتباه ، أن خصوم المغرب وخصوم الوحدة الترابية ومن والاهم في أوساط خارجية أخرى ، رغم الرفض المغربي المتواتر والقاطع ، ومن طرف كل مكونات الأمة ،لأي تغيير في معايير التفاوض ، ولأي مراجعة لمهام المينورسو ، فإن الخصوم ونفس الأوساط الخارجية ما زالت مصرة على طرحها ، ولا تفوت أي فرصة لذلك .

   ومن هنا كانت مطالبة جلالة الملك ، الأمم المتحدة والقوى الدولية الكبرى وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية ، بالإفصاح عن موقف واضح ومنسجم تجاه النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية .

   فالمغرب لا يتفهم أن تؤكد هذه الجهات كل مرة ” أن المغرب نموذج للتطور الديمقراطي ، وبلد فاعل في ضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة ، وشريك في محاربة الإرهاب ، فإنهم في المقابل ، يتعاملون بنوع من الغموض ، مع قضية وحدته الترابية ” !! غموض لا يعني سوى الرياء ..

   فكيف تسهر ، أو تقبل ، هذه الجهات ، كل مرة ، إصدار توصيات غامضة تحاول التوفيق بين مطالب جميع أطراف النزاع حول الصحراء المغربية ؟؟ !! بين مطالب المغرب الشرعية والمشروعة بجميع المعايير والمفاهيم .. وبين مطالب خصوم وحدتنا الترابية المتجنية على السيادة الوطنية للمغرب ووحدته الترابية ، بل والمتجنية على الأمن والاستقرار والسلم بمجموع المنطقة ؟؟ !!

الرسالة الملكية للمنتظم الأممي والقوى الدولية الكبرى ، في تعاملها مع أطراف النزاع حول الصحراء المغربية كانت واضحة ومباشرة : ما لم لم تعترف هذه الجهات علنا بأن الطرف الجزائري يتحمل المسؤولية الكاملة في افتعال النزاع حول الصحراء المغربية ، والعمل على استدامته .. فلن يكون هناك أي حل سياسي ، مع ما يمكن أن يكون لذالك من تداعيات خطيرة على مجموع المنطقة ..

   وما لم تعتبر هذه الجهات ، إصرار الطرف الجزائري على استدامة النزاع ، عاملا أساس في استمرا التوتر بالمنطقة ، وفي تخصيب تربة شيوع وتوسع نشاط المنظمات الإرهابية – التي أصبحت أرض الجزائر مرتعا لهل – المهددة لأمن واستقرار مجموع شمال أفريقيا ومنطقة الساحل .. فلا أمن ولا استقرار بالمنطقة في الأفق ..

   ملك المغرب ، ووراءه الشعب المغربي بكل مكوناته ، قال كلمته الفصل ، بصراحة ووضوح ومسؤولية ، بشأن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ، وبشأن أمن واستقرار المنطقة ومستقبلها .. فليتعظ كل من تهمه رسائل الخطاب الملكي . وليتحمل كل من يفترض أنه يتحمل مسؤولية إقرار وصيانة الأمن والسلم العالميين ، مسؤولياته .

   أما المغرب ، فهو يواصل مسيرته الوحدوية التنموية والديمقراطية بثبات وبخطى حثيثة ، ملؤها التفاؤل . وزاده الذي لا ينضب ، تماسك الأمة المغربية والوطنية الراسخة لأبنائها . الوطنية الضاربة في أعماق التاريخ ، والفاعلة بثقة من أجل مستقبل مشرق أكيد ، رغم كيد الكائدين .



حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية