في أجواء وطنية مفعمة بالفخر والانتماء، نظّمت الأمانة الإقليمية لحزب جبهة القوى الديمقراطية بمقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء لقاءً تواصليًا واحتفاليًا بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، تحت شعار: “بروح المسيرة ونبض الدولة الاجتماعية”.

اللقاء عرف حضورًا وازنًا لأعضاء المكتب السياسي وأطر الحزب، يتقدمهم الأمين العام للحزب، المصطفى بنعلي، إلى جانب عدد من الفعاليات المدنية والثقافية، وجمهور واسع من المناضلين والمناضلات الذين حرصوا على تجديد العهد مع روح المسيرة الخضراء وقيمها الوطنية.
وقد تميز اللقاء بفقرات فنية ووطنية مؤثرة، أحيتها الفنانة الصحراوية رشيدة طلال، التي أبدعت في أداء وصلات غنائية من التراث الحساني الأصيل، أعادت إلى الحضور دفء الذاكرة الوطنية، وأجواء التلاحم الشعبي التي ميزت المسيرة الخضراء سنة 1975. كما تخلل الحفل تكريم عدد من المشاركين في المسيرة الخضراء من أبناء المنطقة، في لحظة رمزية قوية حملت عطر الوفاء لجيل البذل والعطاء.
وفي كلمته بالمناسبة، أكد الأمين العام المصطفى بنعلي أن هذه الذكرى ليست مجرد استعادة لتاريخ وطني مجيد، بل محطة لاستحضار القيم التي صنعت وحدة الوطن، مجددًا التأكيد على أن “النضال من أجل القضايا الوطنية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، هو المعيار الحقيقي للكفاءة السياسية وللمصداقية الوطنية للأحزاب المغربية”.
وأوضح أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نقل قضية الصحراء من منطق الدفاع إلى منطق المبادرة، ومن الشرعية التاريخية إلى الشرعية الواقعية، عبر هندسة سياسية ودبلوماسية راشدة جعلت من الصحراء فضاءً للسيادة والتنمية معًا.
من جانبها، أكدت الدكتورة إحسان جديد أن الاحتفال بالمسيرة الخضراء هذه السنة يكتسي دلالة استثنائية لأنه يتزامن مع ما يمكن اعتباره عيد الوحدة الوطنية، بعد الانتصار الدبلوماسي والسياسي الذي حققه المغرب في ملف الصحراء تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.
وقالت إن هذا الانتصار لم يكن ثمرة صدفة، بل نتيجة رؤية ملكية بعيدة المدى جمعت بين الحزم في الدفاع عن السيادة والانفتاح في توطيد الشراكات الدولية، مما جعل المغرب يرسخ موقعه كقوة استقرار وتنمية في المنطقة.
أما الأمين الإقليمي للحزب حسن رزاعي، فقد رحّب بالحضور، مشيدًا بالتعبئة الواسعة التي عرفتها هذه المحطة التواصلية، ومؤكدًا أن تنظيمها بالحي الحسني يحمل دلالة رمزية عميقة، لأن هذا الحي كان دائمًا فضاءً للمواطنة والتضامن والعمل الميداني. وأبرز أن جبهة القوى الديمقراطية ماضية في تجديد تواصلها القاعدي، ترجمةً لتوجه الحزب في الانفتاح على المواطنين، وتكريس القرب كمنهج في الفعل السياسي.
وعاشت القاعة لحظات مؤثرة خلال تكريم عدد من قدماء المشاركين في المسيرة الخضراء، الذين عبّروا عن اعتزازهم بحمل راية الوطن في تلك الملحمة الخالدة، مؤكدين أن الأجيال الجديدة مدعوة اليوم إلى حمل راية أخرى: راية البناء والديمقراطية والتنمية المستدامة.
واختُتم اللقاء في أجواء وطنية صادقة، وسط ترديد الحاضرين للنشيد الوطني وشعارات تجسد الالتحام المتجدد بين العرش والشعب، وتؤكد أن روح المسيرة الخضراء لا تزال حيّة في ضمير كل مغربي يؤمن بأن السيادة تُصان بالعمل، والوحدة تُبنى بالتضامن والديمقراطية.