
ضيف المنعطف
يستضيف هذا الركن من فضاء جريدة المنعطف أطرا و فعاليات، تتنوع أوجه اهتماماتها الفكرية، وتتعدد مجالات اختصاصاتها، في حوار شفاف وهادف، يلامس جملة من القضايا والمواضيع الملحة على الساحة الوطنية سياسية، اقتصادية، اجتماعية وتربوية، لخلق جسور تواصل مباشر مع القارئ والمتتبع. و سنركز على محاور محددة، تستأثر باهتمام عامة أبناء هذا الوطن العزيز.
ضيف اليوم قادم من عوالم مهنة قطاع المحاماة،عضو اللجنة التحضيرية لقطاع المحامين لجبهة القوى الديمقراطية، نرحب بالأستاذ زهير أصدور لنتعرف من خلاله على أهم ما يعيشه قطاع المحاماة اليوم، في ظل ارتفاع الأصوات المحتجة والمنددة بالممارسات التي تحاك ضد المهنة، وأصحاب البذلة السوداء، وعلى ضوء التعديلات المزمع اعتمادها في القوانين المدنية والجنائية على حد سواء.
ســـــــــؤال:
واقع المهنة اليوم في ظل التدبير الحكومي، خاصة وأن الوزير الوصي اليوم على قطاع العدل والقضاء هو محام وأحد أبناء المهنة؟
جـــــــواب:
مهنة المحاماة والمحام اليوم بين المطرقة والسندان. مهنة المحاماة اليوم تفتقر إلى الأمن المهني. الخطورة تتجلى في تدخل الجهاز الحكومي في المهنة بشكل مباشر من خلال حضور النيابة العامة في المجالس التأديبية للمحامين، ومن خلال ما يطبخ اليوم فالوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سيصبح الآمر الناهي، بحيث انتقلت إليه سلطات لم تكن تتوفر سوى لدى الملك عبر السلطة القضائية. ولن تعود هناك استقلالية للمهنة التي دافع عنها أجيال من المحامين. فالدولة عازمة على تقزيم دور المحامين، من خلال طي صفحات تجسد أدوار المحامي النضالية، ولن يعود هناك محام قادر على الدفاع عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. تريد الحكومة خنق أنفاس المحامى عن طريق الحد من استقلاليته وجعله يفكر في ما هو معيشي.
هكذا يريدون تقزيم دور المحامي باعتباره كان الصوت المدافع عن قيم ومبادئ حقوق الإنسان، والعامل على إشاعتها، وهو المحتك بهموم المواطن في شتى القضايا والمجالات. يريدون فصل المهنة عن أسرة القضاء(السلطة القضائية). ستعود السلطة القضائية مستقلة وتفقد المحاماة استقلاليتها. والثابت أنه كلما استوزر محامي من أسرة المحاماة إلا وتعيش المهنة معاناة كبيرة. لم نلاحظ أية إضافة إلى المهنة منذ مجيء المحامي الرميد إلى وزارة العدل.
ســــــــــؤال:
المهنة اليوم بين المطرقة والسندان، أي دور لجمعية هيئة المحامين؟ ما هو برنامج اشتغالها للوقوف في وجه هذه الممارسات؟
جـــــــــواب:
لا نلوم الوزير وحده في فقدان المهنة لاستقلاليتها، بل هناك دور تتحمله جمعية هيئة المحامين بالمغرب، والتي كان دورها خافتا، ولا يناسب قوة وزخم المهنة ورجالاتها، لأن أسلوبها أصبح عقيما في تناول قضايا وانشغالات أسرة المحاماة.
مهنة المحاماة اليوم في أمس الحاجة إلى مجلس وطني، يقوم بالسهر على شؤون المهنة، مدافعا ومفاوضا عنها، ينتخب من داخل الجمعيات العمومية للهيئات وليس عن طريق مجالس الهيئات، فلا يمكن لوم المحامي على تعاسة المهنة، فهو مواطن إنسان وهو مرآة مجتمعه. ففي الوقت الذي كان فيه المحامون يطمحون لاحتكار المهنة،كما يحتكر الآخرون مهنهم بقوة القانون، يتم اليوم التراجع حتى عما كانوا يتمتعون به في ظل القوانين السابقة، والمثال الذي أوردناه سابقا :هل يعقل أن ملفات التطليق تعفى من تنصيب المحامي للدفاع وأيضا حوادث الشغل في ظل المشروع المقترح؟ أليس كل ما يتم الإعداد له فيه خنق للمهنة؟.
إن أهمية القطاع تكمن في امتصاصه لشريحة من المعطلين ومن القضاة المتقاعدين الذين يلجؤون إلى المهنة لتبييض وجوههم وتبييض أموالهم. لقد كان من واجب الدولة أن تفكر في إنعاش هذا القطاع عبر ترسيم احتكار المهنة، والتزامها بتنصيب محامي عنها في ظل معايير يمكن الاتفاق عليها، تفاديا لأية محاباة أو زبونيه.
ســــــــؤال:
هل لك الأستاذ زهير أصدور أن تلخص بعضا من مظاهر التدبير الحكومي التي تشكل خطرا على المهنة؟
جــــــــواب:
في الوقت الذي ينتظر فيه المحامون تمرير مشروع قانون المهنة الجديد يتم الإعلان عن مباراة لولوج المهنة من طرف الوزارة قصد تعويم المهنة، وعوض توسيع اختصاصات المحامي تعمل على تقليصها، وإغراقها بمجموعة من الشباب يتم الزج بهم في أحضان مهنة، لا يعلمون واقع ما تعيشه من معاناة، وما يخنق أنفاسها. فالوزارة الوصية هي مصدر تعاسة المهنة، ثم أنها حرصت على عدم إشراك المحامين، وتمكينهم من الإشراف على المهنة سواء من حيث الانخراط في تنظيم المباراة أو من حيث الإشراف على التكوين والتكوين المستمر في معاهد تنشئها الدولة لفائدة هذه الشرائح حفاظا عليها من الانزلاق.
عبد الرحيم لحبيب