
في لقاء تواصلي حاشد احتضنته مدينة فاس يوم السبت 5 يوليوز 2025، جدد الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، المصطفى بنعلي، دعوته الصريحة إلى تمكين مغاربة العالم سياسيًا، مؤكدًا أن غياب تمثيليتهم في المؤسسات المنتخبة، خاصة البرلمان، أمر غير مبرر، لا سيما في ظل التنصيص الدستوري الصريح، وتوجيهات جلالة الملك في خطابين ساميين.
وفي كلمة سياسية وازنة مختصرة ألقاها خلال هذا اللقاء، الذي يدخل في إطار البرنامج الوطني لإحياء الذكرى 27 لتأسيس الحزب تحت شعار: “جبهة بروح المسيرة ونبض الدولة الاجتماعية”، شدد الأمين العام على أن مغاربة العالم ليسوا مجرد جالية، بل مكون وازن من الوطن، مضيفًا:
“تحويلاتهم المالية فاقت 115 مليار درهم سنة 2023، وهو رقم يعكس قوة ارتباطهم بالوطن ومشروعه التنموي. الدستور أفرد لهم ثلاثة فصول، وجلالة الملك دعا إلى تمكينهم السياسي، فهل يُعقل أن يُقصوا من حقهم في التمثيل والمشاركة؟”.
وأكد الأمين العام أن الحديث عن هذا التمكين لا يتعلق فقط بحق دستوري ثابت، بل هو أيضًا واجب وطني حيوي، داعيًا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة، والأحزاب السياسية إلى تجاوز نظرة سطحية تعتبر مغاربة العالم فقط خزانًا مالياً، بدل الاعتراف بأدوارهم العلمية والاقتصادية والرمزية داخل المجتمع المغربي.
وفي معرض حديثه عن الانتماء الوطني العميق الذي يجسده أفراد الجالية، استحضر بنعلي نموذج اللاعب الدولي أشرف حكيمي، واصفًا إياه بـ”الرمز الملهم لشباب المهجر”، ومبرزًا أن أبناء الجالية “مأصلين، يحبون بلدهم، ومستعدون للمساهمة في بنائه إذا ما تم الإنصات إليهم وفتح الأبواب أمامهم.”
وبخصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ربط بنعلي نجاحها بضرورة توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، داعيًا إلى تعبئة وطنية شاملة تنسجم مع الدينامية التي تطلقها أوراش تنظيم كأس العالم 2030، لكنه شدد أيضًا على أن هذه التعبئة يجب ألا تتجاهل معاناة المواطنين اليومية، خصوصًا في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وتفشي البطالة، وتنامي الإحساس بعدم المساواة.
وفي نقد حاد للواقع السياسي، أعرب الأمين العام عن قلقه من تدني الخطاب السياسي والنقاش العمومي، محذرًا من أن هذا الانحدار “لا يسيء فقط لصورة الفاعلين السياسيين، بل يقوّض أسس السياسة النبيلة، ويفرغ الممارسة الديمقراطية من مضمونها”. كما حمّل المسؤولية لبعض الأحزاب التي انجرت وراء هذا التردي، داعيًا إلى وقفة تأمل مسؤولة لإعادة الاعتبار للفعل السياسي الجاد.
هذا اللقاء التواصلي بفاس، الذي شهد حضورًا كثيفًا لمناضلات ومناضلي الحزب، وأعضاء من المكتب السياسي والمجلس الوطني، والنائب البرلماني رؤوف العبلاوي معن، وعدد كبير من المواطنين، تخللته لحظات رمزية، أبرزها تكريم الأخ محمد الزاهر، الأمين الإقليمي للحزب بفاس وعضو المكتب السياسي، تقديرًا لعطائه التنظيمي المتواصل. كما تميز اللقاء بوصلة فنية احتفالية تفاعلت معها القاعة بحماس كبير.
ويُعد هذا اللقاء المحطة الثالثة ضمن الجولة الوطنية التي يقودها الأمين العام بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب، والتي تهدف إلى إعادة تجديد الأدوار السياسية والتنظيمية للحزب، وتعزيز موقعه كقوة سياسية مسؤولة حاضنة لحساسية مجتمعية تواقة للعدالة الاجتماعية والكرامة والتمكين الديمقراطي.
وفي ختام كلمته، شدد بنعلي على أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يحقق تقدمًا استراتيجيًا مهمًا، مشيرًا إلى أن اللحظة تفرض الانكباب الجاد على القضايا الحقيقية للمواطنين، بدل التراشق السياسي العقيم، الذي يضر بصورة الأحزاب، ويُفرغ النقاش من محتواه.