"مظاهرات الصحراء موجهة من الخارج ولا تتمتع بأي دعم شعبي"

حوار :
الإعلامي الايطالي ماسيميليانو بوكوليني المتخصص في شؤون الصحراء لـ “المنعطف” :
“مظاهرات الصحراء موجهة من الخارج ولا تتمتع بأي دعم شعبي”
– حاوره : هشام المدراوي
أكد “ماسيميليانو بوكوليني” الإعلامي المتخصص في شؤون الصحراء، على أن الأحداث الأخيرة التي عرفتها الصحراء مباشرة بعد إصدار قرار الأمم المتحدة بتمديد مهمة المينورسو كانت متوقعة. وأضاف الإعلامي الايطالي بأن مظاهرات الصحراء في سياقها العام موجهة من الخارج ولا تتمتع بأي دعم شعبي على أرض الواقع، خصوصا بعد الانتكاسة التي حصدها البوليساريو التي كانت تراهن على مرور المشروع الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحية المنيورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء.
داعيا إلى مزيد من التعبئة الإعلامية قصد تسويق الموقف المغربي بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء لحسم المعركة الخارجية التي تراهن عليها البوليساريو لإضعاف الموقف المغربي.
ـ مباشرة بعد سحب القرار الأمريكي والمصادقة على توسيع مهام المنيورسو لعام إضافي اندلعت أحداث عنف غير مسبوقة في الصحراء، كيف تعاطيتم كإعلاميين مع هذه التطورات؟
توقعنا أن يكون هناك عنف في العيون مباشرة بعد عملية التصويت في مجلس الأمن للأمم المتحدة، وذلك لأن قرار الولايات المتحدة القاضي بسحب اقتراحها لتوسيع صلاحيات المينورسو يعتبر فيما لا شك فيه انتصار دبلوماسي كبير للمغرب وللملك محمد السادس الذي قاد التحركات الدبلوماسية لشل المقترح الأمريكي من جهة، ومن جهة ثانية يشكل هزيمة بالنسبة لجبهة البوليساريو، التي خسرت فرصتها الأخيرة في الترويج لأطروحتها. فكان من الطبيعي أن تكون ردة فعل الانفصاليين بهذه الطريقة.
وكصحفي معتاد على مواكبة الاحتجاجات التي تجري كل يوم في روما وغيرها من المدن الإيطالية. لمست العديد من العلامات الواضحة للديمقراطية بالصحراء المغربية، الفرق الوحيد هنا أن المظاهرات التي تقع في الصحراء موجهة من الخارج ولا تتمتع بأي دعم شعبي على أرض الواقع.
ـ هناك من يربط تلك الأحداث بزيارات الوفود الإعلامية الأجنبية للعيون قصد تسويق صورة مغلوطة عن المنطقة. فما تعليقك على ذلك؟
بالتأكيد، وهذا ما أشرت إليه عدة مرات في السابق خلال مناولتي للتطورات الميدانية التي تعرفها المنطقة، ففي أوروبا مثلا هناك عدد قليل من الصحفيين الذين يغطون الأحداث الدائرة في الصحراء أو يتابعون الملف عن كتب. في إيطاليا، على سبيل المثال، أنا واحد من القلائل الذين تخصصوا في ملف الصحراء، من خلال وكالة الأنباء الايطالية نوفا، وهنا أركز أن بعض الانزلاقات الإعلامية التي تم تسجيلها بخصوص التعامل مع الملف ناجم عن جهل الصحفيين الغربيين لحقيقة النزاع المفتعل حول الصحراء، حيث لم يدركوا على أن 50 شخصا أو حتى مائة أو مائتين إن نزلوا للشارع فهم لا يمثلون ولا يعبرون عن التوجه العام لساكنة الصحراء.
الانفصاليون قاموا باستغلال بعض الأحداث الجانبية للدعاية ضد المغرب لدى المنتظم الدولي ولكن في الفترة الأخيرة هناك مجموعة من الصحفيين الأوروبيين قد فهموا هذه اللعبة وبدؤوا فعلا يتعاطون بطريقة مغايرة تماما مع تلك الأحداث، ما يدل على إرادة قوية منهم لتجاوز أخطاء المناولة الإعلامية المغلوطة التي كانت تحدث في السابق.
ـ دائما في ارتباط مع الوفود الإعلامية التي تزور المنطقة، ألا ترون معي آن اقتصارها على رواية الانفصاليين يشكك في نزاهة ومصداقية تلك الوفود حيث تعتمد وجهة نظر الانفصاليين متجاهلة مواقف الوحدويين؟
أنا أتكلم كصحفي ايطالي وأنطلق من حسن النية في تقييم عمل زملائي الأوروبيين، المشكلة هي أن هناك عدد قليل من الصحفيين الايطاليين أو الأوربيين الذين ليسوا على دراية بتاريخ وثقافة المنطقة. وأنا شخصيا قد درستهما لسنوات عديدة وكان نتيجة ذلك آن اعتنقت الإسلام وهذا قادني إلى معرفة الحقيقة بشكل جيد. ولكن غالبية الزملاء الصحفيين بأوربا لا يعرفون تاريخ العالم العربي، لا يعرفون تاريخ الصحراء وأنها كانت دائما أراضي مغربية، كما لا أحد يعرف أنه حتى تندوف مدينة مغربية.
ما يجب أن يفهمه المغاربة هو أن الصحفيين الأوربيين كانوا يكتفون بالتفاعل مع أصداء الدعاية التي كانت تنقلها جبهة البوليساريو لمدة 30 عاما، وأبدا لم يكونوا على علم بوجهات نظر المغرب في الموضوع. لكن الأمور بدأت تتغير الآن بفضل العولمة وهناك المزيد والمزيد من الصحفيين مثلي الذين بدؤوا يهتمون بالملف من وجهة نظر موضوعية.
ـ في نظركم هل نجح المغرب من الناحية الإعلامية في تسويق ملف الصحراء؟
فيما يتعلق أوروبا عامة، وخاصة إيطاليا، لا زال هناك الكثير من العمل الذي وجب القيام به لجعل الرأي العام الأوربي يعرف حقيقة ملف الصحراء. على سبيل المثال، أعتقد أن هناك حاجة ماسة، إلى وكالة للأنباء متخصصة في شؤون الصحراء بلغات مختلفة مثل الايطالية والاسبانية من أجل إظهار حقيقة ما يجري ميدانيا. فكثيرون من الناس يعتقدون أن الصحراء هي منطقة عسكرية غير مأهولة بالسكان تتحكم فيها البوليساريو، وقلة من الناس يعرفون على أنها شهدت ولا زالت تشهد نهضة عمرانية وتنموية مثلها مثل سائر التراب المغربي كما هو واقع الحال في الرباط أو الدار البيضاء…
ـ تعد من أشد الصحفيين الأوربيين المدافعين عن وجهة النظر المغربية فيما يخص نزاع الصحراء، ما أسباب ذلك؟
أنا لا أدافع عن وجهة نظر المغرب ككيان سياسي، أنا أدافع عن الحقيقة حول الصحراء والصحراويين ومجرد قراءة بسيطة التاريخ لفهم الذي تلك الأرض.
وفيما يتعلق بتعلقي بالمغرب، فالنموذج الذي ينتهجه الملك محمد السادس أمر مهم جدا بالنسبة لنا كمسلمين في أوروبا لأنه يمثل الإسلام المعتدل وهذا شيء نعتز به.
ـ كيف تقيم التعاطي الأخير للصحافة الدولية مع ملف الصحراء؟
أرى أن هناك تحولات كبيرة في ذلك التعاطي، شكل ذلك نقطة تحول كبيرة من تلك الناحية، ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل للقيام به من أجل كسب ثقة الرأي العام الأوروبي بخصوص الموقف المغربي في الملف.