ورطة الحزب الحاكم.

بكل مسؤولية
بشرى الخياري.
ماوقع داخل الأغلبية ليس بالمفاجئ، بل كان من الممكن أن يقع مبكرا في حياة هذه الحكومة، التي قدمت برنامجا عبارة عن وعود انتخابية كبيرة للمواطن المغربي، الذي خرج للشارع مطالبا بالكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والريع. غير أن هذا البرنامج كان واضحا بأنه غير واقعي، ولايراعي الظرفية الاقتصادية العالمية المتأزمة، خصوصا لدى شركاء المغرب الأساسيين، فتساقطت أوراقه كأوراق الخريف، وطغت المؤشرات الرقمية التي أبانت عن فشل الحكومة في تجنيب البلاد مخلفات الأزمة.
ولعل نوعية البرنامج الذي لم يراعي السياق العالمي والوطني، هو ما حدا برئيس الحكومة الذي أوكل له الدستور الجديد مهمة اختيار أعضاء الحكومة وضمان أغلبيتها في البرلمان، إلي اختيار أغلبية متنافرة وغير منسجمة ، ومباشرة نقاش حول توزيع مناصب الحكومة المتضخمة في تغييب تام لمناقشة طبيعة الأوراش التي بإمكانها تحقيق التنمية بالمغرب والدخول به إلى العهد الدستوري الجديد.
بل أكثر من ذلك لقد ساهم رئيس الحكومة في حواره مع البرلمان وباقي المؤسسات الدستورية إلى إضفاء طابع الشعبوية والنقاشات السياسوية العقيمة والمضرة، بعيدا كل البعد عن النقاش السياسي الجاد حول القضايا المصيرية للوطن والمواطنين. وكأن العمل السياسي والمسؤولية الحكومية لاتفرض تأنيا ولا تختلف عن ممارسة المعارضة التي كان يمارسها حزبه قبل الانتخابات. وهو ما جر عمل هذه المؤسسات الدستورية إلى العبث وتغييب المصالح العليا للبلاد في هذه المرحلة الدقيقة التي تجتازها، وما لذلك من انعكاسات على العمل السياسي برمته والدفع به إلى درجة الصفر.
وفي الاتجاه المعاكس للمتن الدستوري الجديد، وما تمليه الظرفية الوطنية الحبلى بالقضايا الملحة والمستعجلة، من ضرورة مقاربة تشاركية، سواء داخل الأغلبية، أومع المعارضة التي أصبح لها وضع دستوري مهم، عمل الحزب الحاكم بعقلية إقصائية ، والاستقواء بعدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة، إلى تغييب فضيلة الحوارالجاد مع الفرقاء السياسيين والاجتماعيين، وبدل ذلك مباشرة حوارات شكلية حول قضايا تتجاوز بحكم طبيعتها الاختصاصات الحكومية، وهو ما أدى إلى مقاطعتها من لدن أغلب القوى الحية في المجتمع.
لقد أدت هذه الممارسة إلى فشل ذريع في معالجة المشاكل الحقيقة للمواطنين، بل هددت الحكومة بفعل عدد من التدابير غير المحسوبة العواقب السلم الاجتماعي الذي شكل صمام الأمان في مواجهة المغرب لزوابع اللاستقرار الذي شهدته عدد من البلدان العربية ، وعوض أن يغير رئيس الحكومة من أسلوب عمله ومقاربته، عمد إلى تعليق فشله على مشجب ” التماسيح” و”العفاريت” ؟ !..
المنعطف 13 ماي 2013