
عبد الرحيم لحبيب ـ الملحق الإعلامي
أسفر اجتماع ممثلــي فروع جبهة القوى الديمقراطية بكل من بلجيكا،فرنسا،ألمانيا،إيطاليا،إسبانيا وبولونيا، و بحضور أمينها العام الأخ المصطفى بنعلي المنعقد، يومي 6 و 7 يونيو 2015، بالمركز الثقافي المغربي الفلاماني بالعاصمة بروكسيل عن تأسيس تنسيقية الجبهــة بأوروبا، و انتخاب الأخ مصطفـى الأبيض منسقا عامـا لها، فضلا عن انتخاب سكرتاريتها، التي تضم الإخوة مصطفى الأبيض، محمد ياسين، علي باديس، الجيلالي غـراد، أمين اليازغي وحمدون الصغيري. مع المصادقة على ترك المجال مفتوحا في وجه تمثيلية فروع باقي بلدان أوروبا بوتيرة عضوين عن كل فرع. كما أثمر اللقاء عن صدور إعلان بروكسيل حول الهجرة والمواطنة.
وقد تضمن الإعلان بروكسيل حول الهجرة والمواطنة، مقاربة شمولية لمختلف الجوانب والإشكالات، التي يطرحها التنامي المتزايد للهجرة، كظاهرة إنسانية، أضحت تشكل انشغالا رئيسيا لكل دول المعمور،خاصة منها التحديات المرتبطة باحترام الحقوق، والحريات الأساسية للمهاجرين، مؤكدا على ضرورة تضافر جهود كافة الأطراف المعنية، في المنشأ والعبور والاستقبال، باعتماد حكامة وتدبير سليم،لبلورة سياسات، توفر التعايش الديمقراطي، وتنتصر للتفاعل الإيجابي بين الثقافات والشعوب، والعمل على استثمار الظاهرة في مجالات التنمية.
وشدد الإعلان على التشبث بالمقاربة الحقوقية، بما يتنافى و كافة أشكال التمييز، واستغلال موضوع الهجرة والمهاجرين للمزايدات الانتخابية ، والصراعات السياسية الداخلية، كمصادر تذكي ثقافة التطرف والعنصرية والكراهية تجاه المهاجرين.
واستحضر بلاغ بروكسيل السياق الدولي بأزماته الاقتصادية والسياسية، في ظل تنامي بؤر النزاعات المسلحة، و ما أفرزته من تزايد تدفق أعداد المهاجرين،في ارتباط تداعيات هذه الأوضاع بالتحولات التي يشهدها المغرب في مجال الهجرة، بعد انتقاله من دولة منشأ ثم عبور إلى دولة إقامة دائمة، مثمنا التوجه الجديد و الإيجابي للمغرب في تعامله مع الظاهرة،بما يجعل منه نموذجا رائدا في المنطقة، بمواصلة توجهاته اللافتة في الموضوع.
و وضع إعلان بروكسيل نصب أعينه التحديات التي تواجه مغاربة أوروبا سياسيا واقتصاديا وسوسيةثقافيا، في ارتباط بالأوضاع الجديدة لدول أوروبا التي باتت هي الأخرى تواجه إشكاليات البطالة والاندماج الاجتماعي، وحقوق الإنسان، وتفاعلات الصدام الحضاري، والهوية، والأمن الوطني، كلها عوامل تؤثر في صناعة القرار السياسي حول الهجرة.
وتضمن الإعلان جملة من المطالب و الاقتراحات، التي من شأنها تحسيس كافة الأطراف المعنية، بموضوع الهجرة والمهاجرين، ودعا في هذا الصدد الدولة المغربية، إلى اعتماد المقاربة التشاركية، مع الشريك الأوروبي، في معالجة الأوضاع المستجدة في هذا المجال، قصد توفير الآليات والوسائل الضامنة، لحماية حقوق ومكتسبات مغاربة أوروبا، والحفاظ على مقومات هويتهم الوطنية، دينا وثقافة وإعلاما، وتوعيتهم بقضايا الأسرة والمرأة والطفل في بلاد المهجر.
وخلص الإعلان إلى التأكيد على مسؤولية الدولة المغربية، في التعاطي الجاد مع ملفات وقضايا مغاربة أوروبا، وتحسين أوضاعهم، وتوفير الظروف المناسبة لمساهمتهم في تدبير الشأن العام، وفي البناء الديمقراطي الوطني ، بالنظر للمؤهلات والخبرات التي راكمها أبناء الجالية، في مختلف مجالات الحياة. و أكد الإعلان على الترابط العضوي بين الهجرة والمواطنة والتنمية، بتوازي بين سياسات تنموية، ويقظة على الحدود، ومحاربة للهجرة والاتجار في البشر. وفي هذا السياق تمت الدعوة إلى تطوير تجربة مجلس الجالية المغربية بالخارج، وتجديد هيكلته، وعدم تهميش أدواره الاستباقية والاستشارية، من قبل الحكومة والبرلمان، كما تضمنت الدعوة تسهيل وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية لمغاربة أوروبا في المجالات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وتأهيل الموارد البشرية ومحاربة الهشاشة.
ولم يفوت الإعلان استحضار المآسي الإنسانية التي خلفها التهجير ألقسري للمغاربة من الجزائر عام1975، واستمرار المأساة الإنسانية للمغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف، وظروف الذل والحرمان والقهر التي يعيشونها، تحت جبروت زبانية البوليساريو وقادتهم من حكام النظام الجزائري.
إعلان بروكسيل نبه إلى التزايد المهول، في أعداد النازحين والمهجرين واللاجئين، جراء الاضطرابات السياسية الدائرة في بعض دول العالم العربي والإسلامي، ودعا إلى ضرورة الاهتمام الإنساني بهذه الفئات، بتوفير حمايتها، وسلامتها في عرض البحر، وتوفير أماكن لائقة لإيوائها، و إحاطتها بالرعاية الصحية والنفسية والقانونية.
واختتم الإعلان بتثمين السياسة المغربية الجديدة بشأن الهجرة ، القائمة على المقاربة الشاملة للموضوع، ببعده الإنساني والحقوقي، و تقييم درجات النضج، لدى مغاربة الخارج، بما يؤهلهم للعب أدوار طلائعية، في تقدم علاقات الشراكة المغربية الأوروبية، وفي تنمية قيم المواطنة، وحماية حقوق الهجرة، والإسهام في تعجيل حل قضايا السلام بالمنطقة المتوسطية، وبداية بحل عادل للقضية الفلسطينية، ومقترح الحكم الذاتي للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة، وضمان أمن واستقرار المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل جنوب الصحراء ولعموم دول المنطقة المتوسطية.
فيما يلي نص إعلان بروكسيل حول الهجرة والمواطنة:
نحن ممثلي جبهة القوى الديمقراطية بأوروبا، المجتمعين يومي 6 و 7 يونيو 2015 بالمركز الثقافي المغربي الفلاماني بالعاصمة بروكسيل.
إذ نؤكد أن الهجرة ظاهرة إنسانية متنامية، توفر إمكانيات المساهمة في التنمية، لفائدة دول المنشأ والعبور والاستقبال على السواء، شريطة أن تكون مدعومة ومحاطة بحكامة وسياسات سليمة.
وإذ نعتبر أن الهجرة أضحت تشكل اليوم، في كل دول العالم انشغالا رئيسيا، وموضوع نقاش مستمر، خصوصا في ما يرتبط باحترام الحقوق والحريات الأساسية للمهاجرين.
وإذ نتشبث بالمقاربة الحقوقية، التي منشأنها أنتضمنحقوقالمهاجرين الأساسية،دون ميز مهما كان مصدره، بما يفرض بلورةسياساتتوفر إمكانية التعايشالديمقراطي،والتبادلالإيجابي والمنتجبينالثقافاتوالشعوب.
وإذ نشجب التوظيف المتزايد والمغرض للهجرة والمهاجرين،خصوصا خلال الاستحقاقاتالانتخابية، وفي الصراعات السياسية الداخلية،بمايؤدي إلى إنتاج ثقافة التطرف والعنصرية والكراهية اتجاه المهاجرين.
وإذنستشعر تحدياتالتنمية في سياق الأزمة الاقتصادية العالمية، وحدة وقع الأزماتالسياسية،والنزاعاتالمسلحة بعدد من بقاع العالم، على تزايد تدفق أعداد المهاجرين.
وإذ نستحضرالتحولات التي يشهدها المغرب فيمجالالهجرة، والتي انتقلت به من دولة منشأ بامتياز، مرورا بدولة عبور المهاجرين، نحو دولة الإقامة الدائمة، في سياق تفاعل عدد من أصناف الهجرة والمهاجرين.
وإذ نثمن نزوع المغرب نحو بلورة وتنفيذ سياسة عمومية جديدة في مجال الهجرة واللجوء، ستجعله لا محالة، في حال مواصلة وتحسين هذه السياسة، نموذجا يحتدى به في هذا المجال.
وإذ نعيد تركيب أوضاع مغاربة أوروبا، ومشاكلهم السياسية والاقتصادية والسوسيوثقافية،في علاقة مع التحولات الديموغرافية لدول أوروبا، وعلاقتها بالبطالة، والإدماج الاجتماعي، وتحويلات العمال، وحقوق الإنسان، وكراهية الأجانب، وخصوصيات الهوية، و مقومات الأمن الوطني، وترابط كل هذه المواضيع في إنتاج سياسيات الهجرة.
فإننا نعلن، بالارتباط مع تنقل مغاربة أوروبا وتحسين أوضاعهم، ما يلي:
• التأكيد على المسؤولية المشتركة بين الدولة المغربية ودول أوربا في حماية حقوق وحريات مغاربة أوروبا وأفراد أسرهم وتوعيتهم بحقوقهم وتمكينهم من آليات وكيفيات الدﻓﺎﻉ عنها.
• شجب تنامي موجات العداء اتجاه الأجانب بأوربا عموما، والمغاربة على وجه الخصوص، والمطالبة بإبعاد إقحامهم في الصراعات الانتخابية والسياسية، وكفالة حمايتهم، بما تضمنه المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالموضوع.
• حثدول الاستقبال على تحسين التشريعات وبلورة وتطوير سياسات فعالة في مجال إدماج المهاجرين والمحافظة على حقوقهم اللغوية والثقافية والدينية وضمان ممارستها.
• دعوة دول الاستقبال إلى تسهيل التنقل، عبر تبسيط مساطر وشروط الحصول على تأشيرات الدخول، مع التأكيد على تيسير التجمع العائلي لتعزيز التماسك الأسري في هذه الدول.
• مطالبة الاتحاد الأوروبي بإدماج قضايا وحقوق المهاجرين في سياسات الشراكة والجوار الأوروبية.
• حث الدولة المغربية لتعضيد سياساتها لتلبية متطلبات مغاربة أوربا على اختلاف أجيالهم وأوضاعهم الاجتماعية، في مجالات الدين والثقافة والإعلام، مع الاهتمام بمشاكل المهاجرين غير الشرعيين، والمهاجرين المعتقلين.
• دعوة الدولة المغربية للإسهام إلى جانب دول الاستقبال في الاهتمام بالفئات الهشة والمهمشة منالمهاجرين المغاربة، والتوعية والتحسيس بالقضايا الأسرية وبقضايا المرأة والطفل في المهجر.
كما أننا نعلن، بشأن ما راكمه مغاربة أوروبا من خبرة وكفاءات عالية، تؤهلهم للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز التنمية المستدامة، والمشاركة في تسيير الشأن العام، بما يدعم معركة الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، ما يلي:
• التأكيد على الترابط العضوي بين الهجرة والمواطنة والتنمية و على ضرورة بناء سياسات موازية تنموية على المدى المتوسط والبعيد بديلا لسياسة التشديد في مراقبة الحدود ومحاربة الهجرة السرية.
• توفير شروط وسبل المشاركة الواسعة لمغاربة الخارج في الحياة الديمقراطية الوطنية، والعمل على استثمار الاستعداد التلقائي الجامح لدى مغاربة أوربا للمساهمة في البناءالديمقراطي والمؤسساتي الوطني.
• دعوة الدولة المغربية إلى تطوير تجربة مجلس الجالية المغربية بالخارج، من خلال إعادة هيكلته وإعادة النظر في تركيبته ودعوة الحكومة والبرلمان إلى الكف عن تهميش أدواره الاستباقية والاستشارية.
• دعم المبادرات الشخصية والجماعيةلمغاربة أوروبا ومواكبة مساهماتهم في مجالات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والنهوض بالموارد البشرية، ومحاربة الهشاشة والفقر.
• الاهتمام بالكفاءات العلمية والثقافية والفنية لمغاربة أوروبا وتحفيزها وفق سياسات دائمة على نقل المعرفة والخبرات إلى المغرب، وتوفير آليات نقل هذه الخبرات.
• دعوة الدولة المغربية إلى تحسين ظروف العبور والإقامة لمغاربة أوروبا، سواء عند الدخول أو الخروج، وسواء عند الزيارات أو عند العودة النهائية.
• إصلاح منظومة العدالة، والإسراع بتصفية ملفات المغاربة المقيمين بالخارج، وخلق الظروف الملائمة لتشجيعهم على الاستثمار والمساهمة في التنمية الاقتصادية لبلادنا.
ونحن نتوجه نحو مستقبل الهجرة والمواطنة، لابد أن نستحضر من أجل استخلاص العبر والدروس، المأساة الإنسانية المرتبطة بحالة المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر سنة 1975، وهي المأساة التي تستدعي لفت انتباه أنظار المنتظم الدولي لعملية التهجير ألقسري الجماعي التي قام بها النظام الجزائري في حق خمسة وأربعين ألف عائلة مغربية ذنبها الوحيد أنها تحمل الجنسية المغربية.
وجدير بالتنبيه في نفس الوقت إلى أخطار استمرار المأساة الإنسانية التي يعيشها المغاربة المحتجزين بمخيمات تيندوف، والمحرومين فيها من الحقوق والحريات الأساسية، بل أن هناك تقارير دولية تتحدث عن الرق، ومنع المعارضين لجبهة البوليساريو، من حرية التعبير، ومن حق الرجوع إلى المخيمات، ومن نهب وتحويل المساعدات الإنسانية، في غياب شروط ممارسة التحقيق الدقيق والشمولي، بسبب حالة التسلط القائمة في هذه المخيمات.
كما أننا، ونحن نتابع عن كثب، انشغال دول الاستقبال بتزايد أعداد اللاجئين والنازحين، من جراء الاضطرابات السياسية، خصوصا في ظل ما تعرفه بعض الدول العربية والإسلامية وبعض الدول الإفريقية من عنف، فإننا نؤكد على ضرورة توفير الحماية والرعاية للاجئين والنازحين، وحماية سلامتهم في عرض البحر، وتوفير الأماكن اللائقة لإيوائهم، مع توفير الخدمات الصحية والنفسية والقانونية لهم.
وفي هذا السياقفإننا نثمن السياسة المغربية الجديدة بشأن الهجرة، التي تقوم بالملامسة الشاملة للهجرة، وفقا لمقاربة إنسانية تضع البعد الحقوقي في جوهر السياسية الوطنية، طبقا لمقتضيات الدستور والقانون الدولي والالتزامات الدولية للمغرب، والشراكة والتعاون متعدد الأطراف. ونثمنإطلاق تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، وتوفير الشروط الإنسانية لضمان حسن استقبال المهاجرين في وضعية قانونية، والاحترام التام لحقوق المهاجرين، ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر.
وأخيرا فإننا نعلن، من بروكسيل،أن مغاربة الخارج، وقد بلغوا مستويات عالية من النضج؛ قد صاروا مؤهلين لأن يلعبوا دورا أكثر ريادية في تقدم علاقات المغرب مع شركائه، في تنمية قيم المواطنة، وحماية حقوق الهجرة، وفي خدمة قضايا السلام في المنطقة المتوسطية.بداية بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية؛ واعتبار مقترح الحكم الذاتي الذي بادرت به الدولة المغربية حلا عادلا، ومناسبا للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة. ولذلك فإننا نرى أن استتباب الأمن والاستقرار وانتهاج سياسة تشاركية مندمجة للتنمية بالمنطقة المغاربية، ومنطقة الساحل جنوب الصحراء، وعموم المنطقة المتوسطية، تعد المدخل الأساسي لخلق المناخ المناسب، وإيجاد الظروف الملائمة للحد من تدفق المهاجرين، نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وحرر ببروكسيل يوم الأحد 07 يونيو 2015.