الأخ المصطفى بنعلي في برنامج "ضيف الأحد" على راديو أطلنطيك الأحد 7يونيو2015:

الأخ المصطفى بنعلي في برنامج “ضيف الأحد” على راديو أطلنطيك:
• ما نريد بناءه في هذه المرحلة هو جبهة واسعة ديمقراطية من أجل الدفاع على التأويل الديمقراطي لمضامين الدستور.
• النقاش حول إصلاح مدونة القانون الجنائي هو نقاش في العمق حول المشروع المجتمعي الذي يريده كل طرف.
• الفيلم رديئ للغاية ولكن المرحلة لا تسمح بتبني الخطاب الأخلاقي الطهراني للتضيق على الحرية والإبداع.
بحلوله ضيفا على أثير راديو أطلنطيك، أعطى الأخ المصطفى بنعلي الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، في برنامج “ضيف الأحد” ليوم 07 يونيو 2015، تصور جبهة القوى الديمقراطية الشامل لجملة من القضايا و الملفات المصيرية المطروحة على المجتمع المغربي، التي تستأثر براهنية اهتمام الرأي العام الوطني.
فانطلاقا من دلالات استمرار الحضور الروحي للفقيد التهامي الخياري، وفاء لعطاءاته في بناء الجبهة، ولمجهوده الوطني المخلص، مرورا عبر الفترات العصيبة التي عاشتها الجبهة، وخرجت منها بعزم قوي لمواصلة بناء مشروعها المجتمعي، أوضح الأخ بنعلي أن جبهة القوى الديمقراطية ماضية في مسارها الصحيح دليلها في ذلك حجم ونوعية الأنشطة التي أنجزتها طيلة الفترة الانتقالية، بالاستمرار في تجديد فكرها المرجعي، ومن خلال الحضور الفعلي لكل التنظيمات والهياكل التي تشتغل داخل الجبهة، وانفتاحها على كل شرائح النسيج الاجتماعي، وتفاعلها مع القضايا المصيرية المطروحة على الساحة الوطنية.
و في معرض حديثه عن الوضع السياسي الحالي أوضح الأخ بنعلي أن مأساة الحياة السياسة المغربية تتجلى في أن من لهم فكر ليست لديهم تمثيلية، والعكس صحيح، و أن الجو السياسي المشحون أفرز خطابا سياسيا نزل إلى أدنى مستوياته، منذ الاستقلال إلى اليوم، ولا يوفر شروط النقاش الصحي، والفكر الجاد في مقاربة القضايا المصيرية للمجتمع، مضيفا أن الأغلبية و المعارضة الممثلة في البرلمان تفتقران إلى مقومات الانسجام الفكري والمرجعي، مشيرا أن الوضع السياسي في راهنيته لا يشجع على تحالفات بمنظور بعيد المدى.
و أكد الأخ الأمين العام انفتاح الجبهة في هذه المرحلة على كل الفعاليات الحزبية، موضحا أن انتقادها للأداء السياسي وتقييمها للأفكار لا يرتبط بالأشخاص أو القيادات الحزبية. مبرزا أن الجبهة كانت أول حزب جاد يسعى لبناء يسار مغربي كبير، شريطة القطع مع ثقافة الهيمنة و الكليانية التي وقفت حاجزا في وجه طموح، ينشد بناء جبهة ديمقراطية واسعة بمطلب نضالي هام هو الدفاع عن التأويل الديمقراطي للدستور.
و بخصوص ملفات الإصلاح أكد الأمين العام أن الحكومة رفعت شعارات كبيرة للاستهلاك وبحس انتخابوي، وغيبت الحوار الجاد والهادف مع القوى الديمقراطية في القضايا المصيرية للمجتمع، موضحا أن لبنة الإصلاح هي التسلح بالقوانين المنبثقة من الدستور بإخراجها للوجود، لا بمنطق الكلام والشعارات.
و حول الجدل الذي أفرزته مدونة القانون الجنائي، أشار الأخ بنعلي أن إصلاح القانون الجنائي هو عنوان لإصلاح المجتمع الذي نريده، والمسودة سجلت تراجعات خطيرة في الحريات الفردية والجماعية خصوصا ملف المرأة، فضلا عن استسهال المشرع في التعامل مع الخطر الداهم الذي تمثله الجرائم الناجمة عن ترويج واستهلاك الحبوب المهلوسة.
وختم الأخ بنعلي لقاءه هذا بالجدل الدائر حول قضايا الفن والإبداع معتبرا أن هذه المرحلة لا تحتمل خطابا تهييجيا، ممنهجا و مقصودا لأغراض انتخابية، ولإلهاء المواطنين عن قضاياهم المصيرية ، ومتنافيا مع المشروع المجتمعي الذي ينشده المغاربة.
فيما يلي نص الحوار الكامل:
• استمرار حضور روح المرحوم التهامي الخياري داخل الجبهة عرفان ووفاء للبناء المخلص الذي قدمه المرحوم للجبهة وللوطن
ـ س: حزب جبهة القوى الديمقراطية ارتبط دائما بالحضور للمرحوم التهامي الخياري، ففي الموقع الإليكتروني للحزب لازال المرحوم موجود ومستمر، هل من دلالات لذلك، وهل هذا يعني أن الجبهة تعيش مرحلة انتقالية؟
ـ ج: هي مرحلة انتقالية أكيد، من حيث، هي نقلة نوعية يشهدها الحزب، في بنائه المتجدد، لفكر ولمؤسسات جبهة القوى الديمقراطية. فبقاء المرحوم الخياري حاضرا لدينا يحمل أكثر من دلالة، دلالات الوفاء للرجل، لما له من إسهامات في بناء جبهة القوى الديمقراطية، وفي البناء الوطني المخلص لقيم العمل الجاد في مختلف تجلياته.
• الفترات العصيبة التي عاشتها جبهة القوى الديمقراطية زادت من قوة عزيمتها في بناء مشروعها المجتمعي.
ـ س: داخل تنظيم الحزب لامستم أن الجبهة عاشت فترات عصيبة في وقت معين، هل كان لذلك تأثير على مستوى إشعاعها، وتواجدها، وعلى قيمتها الرمزية والاعتبارية، داخل التشكيلة السياسية والحزبية في المغرب.
ـ ج: نحن نعتبر، من داخل جبهة القوى الديقراطية، أن الجبهة ظلت منذ تأسيسها في يوليوز1997 تحتفظ بنفس التواجد المجتمعي، وبنفس الرصيد النضالي والسياسي، الذي يتنامى يوما بعد يوم. طبعا و بعيدا عن لغة الخشب، الحزب حاله كحال الإنسان، يمر بفترات، فيها الصعب وفيها السهل.
الجبهة كحزب سياسي مرت بظروف عصيبة، لم تؤثر في البناء التنظيمي لها فقط، بل جددت الإكراهات التي تعيشها الأحزاب السياسة في المغرب، المرتبطة بالإعلام ، بالتمويل، وعدد من الأمور التي تؤثر بشكل مباشر في الحياة السياسية، والأحزاب السياسية.
والجبهة بالرغم من ذلك ظلت صامدة. وهنا وجب التأكيد على أن الجبهة لو لم تكن مبنية على أسس صحيحة، وبالنظر لحجم الظروف العصيبة التي مرت منها، لما بقي لها من وجود، لكن الحمد لله الذي نلمسه وفق المثل المغربي” الضربة اللي ما تقتل كتقوي”.
الجبهة عاشت ظروفا عصيبة ولكنها استفادت منها بتشديد العزم على بناء مشروعها المجتمعي الذي تناضل من أجله. و الأنشطة التي تقوم بها الجبهة في هذه الفترة، خير دليل على أنها سائرة في الطرق الصحيح، من أجل إعادة بناء الهياكل، وفي نفس الوقت إعادة بناء فكر الجبهة.
• مأساة الحياة السياسة المغربية تكمن في أن من لهم فكر ليست لديهم تمثيلية والعكس صحيح.
ـ س: أعرف أن للحزب أنشطة، وتواصل مع المجتمع، بحكم انتمائه أصلا للعائلة اليسارية، وله جّذوره داخل قطاعات وله أدرع كثيرة داخل المجتمع المدني، لكن ألا ترى أن قلة وضعف التمثيلية داخل البرلمان، وداخل المجال المنتخبة، من شأنها أيضا أن تحبط من عزيمة أي مجهود سياسي وحزبي؟
ـ ج: أقول لك العكس، نحن في الجبهة لا نشعر بتأثير ضعف التمثيلية، وليس لدينا مركب نقص، لأننا ننطلق من خلاصة أننا نعتبر الذين لهم فكر ليست لديهم تمثيلية، والعكس صحيح، من لهم تمثيلية لي لديهم فكر، وهذه هي مأساة الحياة السياسية المغربية. ومع ذلك فمنذ 2011 لدينا تمثيلية لا تعكس الوزن الحقيقي للجبهة في المجتمع.
قطاع المهندسين. تجديد الأمانة الإقليمية بالراشيدية. أشغال القطاع النسائي
ولكن منذ 2011 إلى الآن تلاحظون عدد الأنشطة التي قمنا بها داخل المغرب وخارجه، فنحن نؤطر المغاربة أينما كانوا. منذ أبريل 2012 منذ المؤتمر الوطني الأخير، أعدنا هيكلة مبادرات الشباب المغربي، شبيبة جبهة القوى الديمقراطية، و هيكلة منتدى جيل الغد المنظمة التربوية، وهيكلة الرابطة المغربية للطلبة الديمقراطيين، والقطاع النسائي في طور التحضير لمؤتمره، منتدى الصحة، منتدى المهندسين، ومنتدى الأساتذة الباحثين، منتدى المحامين، منتدى الاقتصاديين، منتدى الكتاب والمبدعين. كل هذه التنظيمات تتفاعل مع القضايا المطروحة في المجتمع.
فالجبهة مباشرة بعد تأسيس منتدى المحامين، بادرت إلى تنظيم ندوة كبرى حول مسودة القانون الجنائي، ومنتدى الكتاب والمبدعين، في يوم تأسيسه استضفنا جون كلود مارتينيز صاحب كتاب محمد السادس ملك الاستقرار في حفل لتوقيع كتابه تزامنا مع يوم صدوره في فرنسا.
كل الهيآت التي تشتغل في الجبهة حاضرة، حيث أسسنا الهيأة الوطنية لتنمية أراضي الجموع، وأسسنا منتدى السن الثالث بما هو منتدى للفكر واستثمار الخبرات التي راكمها الأشخاص الذين بلغوا سن التقاعد، هذه الشريحة تعتبرها الجبهة طاقات وجب الاستفادة مما راكمته من قدرات وخبرات في مختلف القطاعات.
منتدي المحامين الهيأة الوطنية لتنمية أراضي الجموع الدورة الخامسة للمجلس الوطني
• الجو السياسي المشحون أفرز خطابا سياسيا نزل إلى أدنى مستوياته وهو لا يوفر شروط النقاش الصحي الجاد في مقاربة القضايا المصيرية للمجتمع.
ـ س: بخصوص النقاشات السياسية، ودور الجبهة في المساهمة في إثراء النقاش وتفعيله، وبالنظر إلى الحركية التي تعرفها تنسيقات الفاعلين السياسيين، و العمل المشترك بين الأحزاب السياسية، يبدو وكأن الحزب تراجع إلى الوراء فيما يخص التنسيق مع الأحزاب التي قد تتناغم مع الجبهة في قضية أيديولوجيتها، وفي رؤاها الفكرية إلى غير ذلك؟
ـ ج: نعتقد في جبهة القوى الديمقراطية أن النقاش السياسي في المغرب منذ 2011 قد تراجع إلى الوراء بعدد من الخطوات لماذا؟ لأن دستور 2011 الذي اعتبر حقيقة استجابة من جلالة الملك، ومبادرة حققت المطالب التي تم التعبير عنها في الشارع المغربي، فالتعامل مع القوى الحية في المجتمع أعطى دستورا متقدما من الناحية الديمقراطية.
إلا أن الانتخابات التي جاءت بعد هذا الدستور أفرزت حكومة، أعتقد أنها أكثر رجعية من حيث الخط الفكري الذي يؤطر عملها، ومن حيث انسجام مكوناتها، وعدد من الضوابط التي يمكن أن توفر لنا حكومة قادرة على تأويل الدستور تأويلا ديمقراطيا، بما يستجيب لتطلعات المجتمع في هذه المرحلة.
حكومة من هذا النوع، وبعدد من الممارسات المرتبطة بها ولدت لدينا جوا سياسيا مشحونا، ساده السباب، وعدد من الصفات جعلت الخطاب السياسي ينزل إلى أدنى مستوياته، منذ الاستقلال إلى الآن. نعتبر الجو السياسي جوا مشحونا ولا يوفر شروط الفكر الجاد في القضايا المصيرية للمجتمع، كما لا يوفر الإطار الأنسب لبناء تحالفات، ثم هل هناك تحالف مبني على أسس قوية في المغرب الآن؟ هل نعتبر أن الأغلبية تتوفر على مقومات أغلبية منسجمة من الناحية الفكرية، من حيث المشروع المجتمعي؟ هل المعارضة الممثلة في البرلمان لديها نفس المقومات؟
أنا لا أعتقد بأن الجو السائد والمرحلة السياسية التي نعيشها توفر الشروط الأنسب للجبهة للتفاعل والتفعيل بشكل جاد، كحزب يسعى لبناء مشروع مجتمعي، ولبناء الثقة في المؤسسات المنتخبة، ومن أجل أن يكون السياسي فاعلا من منطلق مرجعيته الفكرية.
• نؤكد انفتاح الجبهة على الأحزاب السياسية وانتقادها للأداء السياسي وتقييمها للأفكار لا يرتبط بالأشخاص أو بالقيادات الحزبية.
• الوضع السياسي في راهنيته لا يشجع على تحالفات بمنظور بعيد المدى وجبهة القوى الديمقاطية تؤمن بالشراكة في ملفات معينة.
ـ س: الخطاب المشحون في الحقل السياسي بالمغرب تساهم فيه حتى بعض القيادات في أحزاب المعارضة، خاصة أحزاب ذات مرجعيات سياسية رصينة، إلى وقت قريب، هل تعتقدون أن حزب الجبهة عليه الدخول في صف معين، ضمن هذه التكتلات؟ أم سيحكم على نفسه، إزاء خطاب كما قلتم رجعي شعبوي، بأن يمشي في الطريق دون مصاحبة، ودون رفاق مساندين في المرجعية؟
ـ ج: الجبهة في هذه المرحلة، وهي تعبر عن موقفها من الجو السياسي المشحون، تبقى منفتحة على جميع الأحزاب السياسية، نحن لا ننتقد الأداء السياسي بارتباط مع الأشخاص، ولا مع قيادات الأحزاب السياسية الموجودة، فالأهم بالنسبة لنا في هذه المرحلة هو انتقاد و تقييم الأفكار، وأما الأشخاص فالزمن كفيل بالجميع. و انتقادنا لا نعطي به روسا لأي كان. والجبهة غير منغلقة على نفسها.
اليوم قانون الأحزاب السياسية، في أفق التعديل المقترح، والإطار السياسي الذي توفره مواقف هذه الأحزاب كلها لا تشجع على تحالفات مبنية على أمد بعيد. أما التحالفات الظرفية، التي تعرفها الساحة السياسية، من أجل ارتباطات انتخابية، فالجبهة، ورغم أنها تقول بأهمية الواجهة الانتخابية، إلا أن ذلك لا يعنيها، بالشكل الذي يجعلنا نسعى اليوم لبناء تحالفات، وغدا نعرض عنها. هذا مع العلم بأننا نشتغل مع جميع الأحزاب السياسية، كل على أرضية مواقف وقضايا معينة، لأننا في الجبهة نؤمن بالشراكة في ملفات معينة.
• جبهة القوى الديمقراطية كانت أول حزب جاد يسعى لبناء يسار مغربي كبير، شريطة القطع مع ثقافة الهيمنة و الكليانية التي وقفت حاجزا في وجه هذا الطموح.
ـ س: أليس لديكم التفكير، ونحن إزاء أحزاب صغيرة على مستوى التمثيلية داخل البرلمان أساسا، في تجارب مثل الاندماج، الالتحاق، من أجل بناء أفق يسار مغربي كبير؟
ـ ج: إذا كان هناك من حزب يسعى جادا من أجل بناء اليسار فهو جبهة القوى الديقراطية، قمنا بجميع المحاولات من أجل بناء الحزب اليساري الكبير، ولكن بناء على ثقافة جديدة، تقطع مع ثقافة الهيمنة والكليانية التي لم تترك مجالا لأحزاب اليسار لتتكتل، و وقفت في وجه بناء الحزب السياري الكبير في المغرب.
حيث قمنا بعدد من المبادرات، مسجلة في التاريخ أن الجبهة يهمها المشروع المجتمعي الذي تنادي به، ويهمها توفير الشروط من أجل ذلك. لكن المشهد السياسي الوطني كما أسلفت لا يسمح بهذا النوع من النهج السياسي وبهذه التحالفات.
لذلك مباشرة بعد وفاة المرحوم التهامي الخياري قمنا بمبادرة في الأمانة العامة، وتم الاتصال بكافة الأحزاب السياسية تقريبا، من أجل توحيد العمل، لأن الاندماج أو التحالف هو شكل مؤسساتي، من أجل مهام معينة.
ما نريد بناءه في هذه المرحلة هو جبهة واسعة ديمقراطية، من أجل الدفاع على التأويل الديمقراطي للدستور، لأننا نعتبر أن بلادنا في حاجة إلى تطبيق الدستور وتأويله تأويلا ديمقراطيا. واتصلنا بكل القوى الحية في المجتمع، وعبرنا على أن محور النضال الديمقراطي في المرحلة هو تفعيل الدستور، الأمر الذي يحتاج الى جبهة واسعة من الديمقراطيين، والحداثيين، من أجل الضغط في هذا الاتجاه.
• من أراد الإصلاح عليه التسلح بالقوانين المنبثقة من الدستور، وإصلاح اختلالات المجتمع لا تتم بمنطق الكلام والشعارات.
ـ س: حديثكم عن تفعيل الدستور، وكأنما ترمي الكرة في اتجاه جهات معينة، وكأنك تضغط من أجل إعاقة عملية تفعيل الدستور.
ـ ج: أنا أقول بأن من يريد الإصلاح في البلاد وجب عليه التسلح بالقوانين، والقوانين تنبثق أولا وأخيرا من الدستور، لأن في الدستور قوانين عضوية لم تخرج بعد إلى الوجود لما لها من أهمية في البناء الهرمي القانوني للمملكة، لذلك نعتبر أن تطبيق الدستور من خلال إخراج القوانين التنظيمية العضوية إلى الوجود وبعدها إلى تطبيق القانون في مجالات التشريع التي حددها الدستور هي المرحلة واللبنة الأولى في الإصلاح، لا يمكن أن نتصور أحدا سيطبق الإصلاح بعصا سحرية، ويقضي على الظواهر والاختلالات الموجودة في الواقع بمنطق الكلام والشعارات.
• الحكومة رفعت شعارات كبيرة للاستهلاك وبحس انتخابوي وغيبت الحوار مع القوى الديمقراطية في القضايا المصيرية للمجتمع.
ـ س: كانت هناك محطات عديدة مرت بها الحكومة بخصوص بعض التعديلات وبعض الإنجازات التي سميت كبرى في رأيكم هناك أناس يقولون أن هذه الحكومة شجاعة عندما يتعلق الأمر بإصلاح صندوق المقاصة. ما رأيك؟
ـ ج: يلاحظ على أن الحكومة رفعت شعارات كبيرة ربما استقتها من الحس الشعبي الذي تم التعبير عنه في فترة إقرار الدستور، ومع الأسف أعتقد أنها شعارات كانت من أجل الاستهلاك، بل أكثر من ذلك أنها كانت من أجل الحس الانتخابوي، الذي لم يبتعد كثيرا عن ممارسات بعض الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية.
لذلك فصندوق المقاصة حقيقة فيه بعض الجوانب التي تحتاج الإصلاح، لكن يجب أن نعرف أن تطبيق الإصلاح فيه يجب أن يكون في فترة الرخاء، وعلى الحكومة أن تسلك فيه نظرة الإصلاح بالتدرج لأن الصندوق لا يتضمن فقط المال الذي تضخه الدولة من أجل دعم بعض المواد الاكثر استهلاكا، والتي نعرف أن جزء منها تتم الاستفادة منها في غير موضعه.
لذلك فإصلاح المقاصة، وعدد من القضايا التي نعتبرها أولا وقبل كل شيء قضايا مصيرية، لا يمكن للحكومة أن تباشر الإصلاح فيها دون أن تفتح حوارا و نقاشا واسعين مع القوى الديمقراطية، ومع كل حساسيات المجتمع ، لتفادي الأسوء لا قدر الله، لأن التهور في طرح بعض القضايا ومعالجتها بشكل ارتجالي يمكن أن يؤدي إلى مآسي ، لا الحكومة الحالية ولا غيرها قادرة على تحمل تبعاتها.
لذلك فإصلاح المقاصة وعدد من الشعارات ظاهرها دعم التماسك الاجتماعي، وفي عمقها الإضرار بهذا التماسك، وتهدد الاستقرار المجتمعي الذي يعيشه المغرب.
•النقاش حول إصلاح مدونة القانون الجنائي هو نقاش في العمق حول المشروع المجتمعي الذي يريده كل طرف.
ـ س: مسألة تعديل القانون الجنائي الذي اعتبره البعض تضييقا على الحريات، هل كانت لكم وجهة نظر في الموضوع؟
ـ ج: أجبت سابقا أن منتدى محامي جبهة القوى الديمقراطية نظم ندوة حول مسودة التشريع الجنائي، وكان أول قطاع ينظم ندوة في الموضوع، لأننا في الجبهة نعتبر أن النقاش حول إصلاح مدونة القانون الجنائي، هو نقاش في العمق حول المشروع المجتمعي الذي يريده كل طرف، هل نريد بناء مجتمع متضامن، يمكنه التعامل مع العقوبة من أجل الإصلاح؟ أم أننا نتعامل مع مجتمع إقصائي، يتعامل مع العقوبة كانتقام.
أوضحنا في النقاش المتعلق بهذه المسودة، بأن هناك طرفا يريد الانتصار للحياة، وهناك أناس يسعون للعودة بنا إلى الوراء. وأبرز مثال عقوبة الإعدام، كمؤشر يفرز من يريد الحياة، ومن يريد الثأر والإقصاء من المجتمع. وفي المسودة جوانب إيجابية، ونحن ننوه بكل عمل تقوم به الحكومة فيه بعض الجوانب الإيجابية، إلا أن المسودة سجلت عددا من التراجعات على مستوى الحريات الفردية والجماعية، بل هددت عددا من المكتسبات التي حققها المجتمع المغربي، خصوصا في القضايا التي تهم المرأة، في مختلف الجوانب والتفاعلات المرتبطة بها.
وعبرنا أكثر من ذلك أن هناك بعض الجوانب الخطيرة، مثل الحبوب المهلوسة، والتي تشكل مصدرا لعدد كبير من الجرائم. هذه الحبوب تعامل معها المشرع بغير دراية تماما بالموضوع، فهي مصدر الشغب والعنف في الملاعب، وجرائم قتل الفروع والأصول، وعدد من الجرائم الغريبة عن المجتمع المغربي، جرائم تهدد الأسرة المغربية والمستقبل المغربي، أضحت تباع وتوزع في جنبات المؤسسات التعليمية، فالمروج لهذه السموم له فس عقوبة الجرائم الأخرى في حين كان ممكنا التشديد في الأمر.
ـ• النقاش حول قضايا الفن والإبداع في هذه المرحلة لا يحتمل خطابا ممنهجا و مقصودا لأغراض انتخابية، ومتنافيا مع المشروع المجتمعي الذي ينشده المغاربة
س: النقاش الذي أثاره فيلم معين، والنقاش حول بث القناة الثانية لإحدى سهرات مهرجان موازين، رئيس الحكومة بعث برسالة إلى الهاكا يشتكي فيها من طبيعة تمرير هذه السهرة، ما رأيكم كأمين عام لحزب جبهة القوى الديمقراطية في كل ما يدور؟
ـ ج: أتيحت لي الفرصة لمشاهدة مقاطع وشاهدت الفيلم برمته، وأعتبره فيلما رديئا للغاية، ولكن حكمي الشخصي هذا لا يتقاطع مع حكم الجبهة، لأننا في الحزب نعتبر أن المرحلة لا تسمح لأي كان بتبني الخطاب الأخلاقي الطهراني، للتضيق على الحريات وعلى الإبداع، وللتغطية على القضايا المصيرية، التي لم تقدم فيها الحكومة أي شيء يذكر.
ونعتبر هذا الخطاب تهييجي ممنهج ومقصود لعموم المواطنين، من أجل أغراض انتخابية لا تخدم الديمقراطية، ولا الحرية، ولا التنمية، ولا المشروع المجتمعي الذي ينشده المغاربة، لأن المغاربة والحمد لله بممارساتهم، وبالرغم من اعتزازهم بهويتهم، ومن خلال ارتباطهم مع ضوابط الدستور الجديد، يريدون مجتمعا فيه الحرية، وفي الإبداع، والتنمية التي يلمسها المواطن.
والمؤتمر الأخير لجبهة القوى الديمقراطية كان واع بهذه القضية، منذ 2012، جيث رفعنا فيه فيه شعار ” لا تغيير.. بدون حل مشاكل المواطنين، وقلنا أن لا تغيير إلا بقضاء وتلبية حاجات المواطنين، لأنه بدون ذلك الاستقرار المجتمعي للبلاد، الذي يشكل ضمانة تنمية البلاد، سيكون في خطر، ولأننا نريد للمغرب مزيدا من التقدم.
على راديو أطلنطيك حاوره أحمد علوة
استقاه وأعده عبد الرحيم لحبيب ـ الملحق الإعلامي