كلمة الأخ المصطفى بنعلي باسم الأمانة العامة للجبهة في تأبين الفقيد التهامي الخياري

مارس 11, 2013
T-2-1024x731.jpg

ألقى الأخ المصطفى بنعلى النائب الأول للأمين العام كلمة تأبينية في أثناء مراسيم تشييع جنازة الفقيد التهامي الخياري بمقبرة الشهداء بالرباط، وفي ما يلي نص الكلمة التابينية:

 – باسم الله الرحمان الرحيم

– كل نفس ذائقة الموت

– ولايبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

– وإنا لله وإنا إليه راجعون

 نقف اليوم، في هذا الموقف المهيب، نودع الوداع الأخير أحد أبناء الوطن البررة..

نودع أحد أبرز القادة السياسيين، والذي كانت الوطنية الصادقة تسري في كيانه مجرى الدم في العروق على امتداد مساره النضالي.

نودع أحد أبرز قادة الحركة التقدمية الديمقراطية، هذه الحركة التي خبر مختلف دوربها النضالية عبر عقود منذ كان تلميذا شابا يافعا.

نودع رجلا من رجالات الدولة الأفذاذ، الذين وهبوا حياتهم لخدمة الأمة ومقدساتها ومصالحها العليا.

نودع رجلا، أبان عن علو كعب وحنكة نادرة في تدبير المسؤوليات التي تقلدها سواء في الموقع الحكومي، أو في المؤسسة البرلمانية، أو في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، فضلا عن المسؤوليات الحزبية والسياسية والأكاديمية والجمعوية.

وما ذلك بغريب لرجل تشرب الروح الوطنية، في كنف والده وعائلته التي أبلت البلاء الحسن في الكفاح الوطني ضد الاستعمار، وقدمت من أجل ذلك ما يلزم من التضحيات.

في المغرب العميق، في إقليم تازة المناضلة، فتح الفقيد عينيه على الكفاح الوطني وهو شاب يافع يتابع دراسته الابتدائية بتازة ثم الإعدادية والثانوية بكل من فاس وأزرو.

وبالتحاقه بالجامعة، التحق توا بصفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث أقنع الجماهير الطلابية بطاقاته النضالية وكفاءته، لينتخب نائبا لرئيس المنظمة النقابية الطلابية التي جادت على بلادنا بكفاءات وإطارات سياسية كان لها موقعها المتميز في مختلف دواليب الدولة خلال العقود الأولى من الاستقلال.

ومازال العالم القروي، ومعشر الباحثين الاقتصاديين والسوسيولوجيين، يذكرون عطاءات الفقيد التهامي الخياري، سواء من خلال اشتغاله كرئيس لقسم الدراسات بالمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي بجهة الحوز تانسيفت، أو من خلال اشتغاله كأستاذ جامعي للعلوم الاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس، وبمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، وكذا من خلال مسؤوليته كمدير لمركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث، فضلا عن مسؤولية لمدة كنائب لرئيس جمعية الاقتصاديين المغاربة.

نودع رجلا نذر حياته لخدمة هذا الوطن وكافة أبنائه، وفي مقدمتهم المستضعفون.

فمنذ اندلع النزاع المفتعل حول قضية وحدتنا الترابية، ظلت هذه القضية بالنسبة للفقيد التهامي الخياري، هي قضية القضايا، حاضرة كاللازمة في كل نقاشاته وأنشطته السياسية وطنيا ودوليا، في تكتم ونكران ذات لايتطبع به إلا من تشرب الوطنية الصادقة، وكذلك كان فقيدنا التهامي الخياري.

نودع زعيما سياسيا، كانت روح المسؤولية تطبع كل حركاته وسكناته، يحتكم في كل مواقفه إلى مدى تطابقها مع وحدة الأمة، إلى مدى إسهامها في تحصين الاستقرار السياسي وأمن البلاد، مؤكدا في كل مناسبة ألا ديمقراطية ولاتقدم اقتصادي واجتماعي بدون صيانة وحدة الأمة واستقرارها، والتمسك بمقدساتها. وكانت مواقف جبهة القوى الديمقراطية تنهل على الدوام من هذه القيم وهذه التوجهات الثابتة.

كان الفقيد التهامي الخياري في مساره النضالي الطويل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، يجعل من العدالة الاجتماعية ركنا أساسا في الديمقراطية وحقوق الإنسان، بنظرة عميقة بعيدة عن أي شكل من أشكال الشعاراتية. حيث كان يقرن دوما العدالة الاجتماعية بخلق وتحسين شروط انتاج الثروة، مقدما في ذلك رصيدا ثريا من المقترحات على المستوى الاقتصادي والمالي في إطار نظرة شمولية واقعية ومستقبلية.

برحيل الفقيد التهامي الخياري، تفقد الحركة الوطنية الديمقراطية والتقدمية قائدا لم يدخر جهدا في السعي الحثيث الدائم، ليس لتوحيد الصف اليساري فحسب، بل لتوحيد كافة القوى الديمقراطية الحداثية السياسية والمجتمعية، مقتنعا عميق الاقتناع  بأن التحديات التي تواجهها بلادنا، والرهانات التي عليها ربحها، تستلزم تجميع هذه القوى في نكران للذات الحزبية و الفئوية، للإسهام في إنجاح المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعزم وحزم.

لقد فقدنا في جبهة القوى الديمقراطية برحيل عزيزنا التهامي الخياري القائد المحنك الذي عرف كيف يبني حزبا من طراز جديد، بالرغم من المتغيرات الموضوعية التي لم تكن دائما مساعدة.

لقد سهر عزيزنا التهامي الخياري على تثبيت جبهة القوى الديمقراطية، كحزب سياسي يجتهد على الدوام في أنجع السبل لخدمة قضايا الوطن والمواطنين.. كحزب سياسي ينبذ الدوغمائية، ويجعل من الانفتاح الفكري والتنظيمي منهجا وسلوكا.. حزب سياسي يتربى أعضاؤه على روح الديمقراطية واحترام حق الإختلاف. حزب سياسي يبوئ الكفاءات والطاقات، شبابا ونساء الموقع المستحق في تحمل المسؤولية.

فقيدنا التهامي الخياري، كان حريصا على ترسيخ ممارسة القيادة الجماعية في صفوف الحزب.. في الإجتماعات الحزبية، وفي كل المستويات، كان دائما ينصت أكثر مما يتحدث، كان يناقش ويعدل آراءه كلما اقتنع بغيرها..

كان الفقيد من الزعماء السياسين القلائل، الذي جعل مكتبه مفتوحا لكل أعضاء الحزب مهما كانت مسؤولياتهم، مفتوحا لكل المواطنين الذين يقصدونه، ويولي كل الإهتمام لما يعرض عليه..

كان الفقيد أيضا مناضلا صلبا إلى حد العناد في الثبات على المبادئ النبيلة التي آمن بها.. يرفض ويزدري المساومة على المبادئ والقيم.. مقدما نموذجا حيا ساطعا على العمل السياسي النبيل..

عرفنا الفقيد، كما عرفه غيرنا، عفيفا إلى حد الزهد.. ولا نبالغ إن قلنا أن الصفة الأبرز في الفقيد التهامي الخياري القائد السياسي والإنسان هي العفة والتعفف.. وبالرغم من وزن الرجل ومكانته في الحقل السياسي والمجتمعي، كان الفقيد نموذجا للتواضع في حياته وعلاقاته الإجتماعية.. كان يخجل حقا بتواضعه كل من عاشره وعايشه عن قرب.. وذلك من شيم الرجال الكبار.

ستظل بصمات الفقيد التهامي الخياري ثابتة واضحة في كل مجالات دروب النضال التي سلكها وخبرها، على مدى عقود من حياتنا السياسية الوطنية..

لقد ملأنا على الدوام في جبهة القوى الديمقراطية، فخرا واعتزاز انتماؤنا إلى الحزب الذي أسسه وقاده التهامي الخياري..

هذا الفخر والاعتزاز، أصبح بعد رحيل فقيدنا إصرارا على مواصلة الطريق الذي رسمه، إصرارا على الوفاء لتضحياته من أجل أن تسهم الجبهة بجانب كل القوى الديمقراطية الحداثية السياسية والمجتمعية، من أجل عزة الوطن، وعزة كافة أبنائه، وتبوؤ الأمة المغربية للمكانة المستحقة تحت الشمس بين الأمم الراقية، بقيادة رائدالأمة وضامن سيادتها وتقدمها جلالة الملك محمد السادس.

فنم عزيزنا الفقيد التهامي الخياري، قرير العين، مطمئنا إلى أنك تركت جبهة القوى الديمقراطية في أيادي أمينة كما كان يعز عليك أن تؤكده خلال هذه السنوات الأخيرة.. فنحن على خطاك سائرون، وبإخلاصك وتضحياتك مستلهمون..

رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جنانه بجانب النبيئين والصديقين والشهداء.. وحسن أولائك رفيقا..

وإنا لله وإنا إليه راجعون


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية