الفقيد التهامي‮ ‬الخياري‮.. ‬الغائب.. الحاضر في‮ ‬وجدان الحركة التقدمية والديمقراطية‮…‬

مارس 11, 2013
thami.jpg

بقلم عمر الحسني.

 شكل الحضور الرسمي والشعبي الوازن في تشييع جثمان الفقيد التهامي الخياري لحظة دالة على قيمة وطينة الرجل الذي فقدته بلادنا.

لقد التأم في موكبه الجنائزي المهيب فسيفساء الفعاليات والحساسيات النابضة مع نبضات مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية. كلها عبرت بعفوية وصدق عن تقديرها للمسار النضالي للفقيد، وعطاءاته في أكثر من واجهة على امتداد عقود من حياتنا الوطنية، كقائد سياسي محنك صلب اشتد عوده باقتحام مختلف دروب النضال السياسي والنقابي والاجتماعي. كحامل فكر متنور منفتح، نهل من عصارة ثقافتنا الوطنية الأصيلة، ومن أرقى ما انتجه الفكر الإنساني التقدمي والديمقراطي. كباحث اقتصادي وسوسيولوجي، تتلمذ عليه الالاف من الأطر المغربية التي أسهمت وتساهم في إغناء مجالات البحث العلمي ومجالات الإنتاج الاقتصادي.

الفقيد التهامي الخياري، بتنوع الدروب النضالية التي اقتحمها بشجاعة ووعي، مهما كانت مخاطرها ومصاعبها، يظل الرجل الوطني حتى النخاع، أولا، وثانيا، وثالثا. حبه لوطنه بمثابة الهواء الذي يتنفسه ليعيش.. في كل مساره الطويل، وفي كل لحظاته، ظل الدفاع عن الوطن، والتضحية من أجل الوطن، هو مرجعه الأساس في كل مواقفه وسلوكاته السياسية.. فكان حبه للوطن يرقى إلى”حب الأوطان من الإيمان”..

وحتى لانغوص كثيرا في المساحة الزمنية لنشاطه السياسي، سيظل إسهامه كقائد سياسي وكمؤطر جماهيري، في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، علامة واضحة بارزة. ومن عايشه عن قرب خلال هذه الفترة، يعرف جيدا صلابته واستماتته في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية أمام مخاطبيه الأجانب، سواء داخل الوطن أو خارجه. وكل ذلك في صمت وتكتم ونكران ذات.

وكان يحجم دوما وبإصرار عن إفشاء ما كان يبذله في هذه الواجهة، يحجم دوما عن استعمال ذلك لأغراض دعائية حزبية أو شخصية. وكم قدم من مقترحات واجتهادات لخلق وتعزيز شروط تحقيق النصر النهائي في معركة الوحدة الترابية.

وما لم ينشر من هذه الاجتهادات والمقترحات هي الأكثر. لقد كانت قضية الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، تسكن كل جوارحه ومتجذرة في كيانه حتى النخاع.

وطنيته الصادقة، هي التي شكلت بالفعل أصل ملامح شخصيته كمناضل تقدمي صلب، وكديمقراطي قح، وكمناضل ملتصق بالهموم اليومية الآنية والمستقبلية للمستضعفين من الشعب. احتك بالحركة اليسارية العالمية من مختلف مشاربها عن قرب، واضعا مسافة واضحة بين ما يغني نشاطه السياسي الوطني وبين ما لايتلاءم وواقعنا الوطني وهويته.

اقتحم النضال النقابي من أبوابه الواسعة، سواء على المستوى الطلابي، حيث كان أحد قادته بالاتحاد الوطني  لطلبة المغرب. أو على مستوى الحركة النقابية للمأجورين، والتي نسبح فيها علاقات تشاركية سواء على مستوى القيادات أو على المستوى القاعدي.

وامتدت أنشطته ونضالاته الإجتماعية إلى أوسع فئات الفلاحين الفقراء على امتداد الوطن سواء، حين كان يشتغل بالمركز الجهوي للاستثمار الفلاحي بجهة الحوز تانسيفت صحبة بول باسكون، أو من خلال تدريسه بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، أو من خلال نشاطه الحزبي بالقرى والبوادي. ومما كان يغني تصوراته ورسم سبل اشتغاله كمناضل سياسي ونقابي، مكانته العلمية ودراساته وأبحاثه، كاقتصادي وسوسيولوجي وإعلامي.

وسواء من خلال عمله الحزبي والسياسي من موقع حزب التقدم والاشتراكية الذي كان أحد أبرز قادته، أو من موقع جبهة القوى الديمقراطية التي كان لها مؤسسا وقائدا ومؤطرا. ظل الفقيد، بالرغم من كل ملابسات ومتغيرات مسار الحركة التقدمية، يشتغل ويمد الجسور داعيا إلى توحيد قوى اليسار، واستعادتها لموقع المبادرة السياسية، وتأطير النضالات الشعبية السياسية والإجتماعية، بمنظور منفتح يأخذ بعين الاعتبار المهام التاريخية المرحلية المطروحة على بلادنا وشعبنا وفئاته المستضعفة، فكان يعتبر توحيد اليسار خطوة أولى نحو بناء تجمع واسع للقوى الديمقراطية الحداثية السياسية والمجتمعية.

الفقيد، بوطنيته الصادقة، بنزاهته السياسية، بجدية خطواته وسلوكه، استطاع أن يكسب احترام الخصوم قبل الأصدقاء. كان الفقيد شرسا في الدفاع عن آرائه ومواقفه وهو يواجه خصومه.. لكنه لم يكن يتردد قط في الأخذ بالرأي الآخر، والقول بذلك جهرا، عندما يقتنع بوجاهته.

شراسة ظلت دوما مفعمة باحترام الآخر والرأي الآخر. كان مفهوم النسبية ملازما لتفكيره. لذا كان له الباع الطويل في ارتياد آفاق فكرية وسياسية جديدة..

هذا بعض ما يعرفه الخصوم والأصدقاء عن الفقيد، ومن هناك كان التقدير الذي يحظى به وسط الحركة التقدمية والديمقراطية، وكان الاحترام الذي يكنه له خصومه السياسيون.

الفقيد، في مختلف مراحل حياته النضالية، كان له عدو واحد : الجمود.


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية