في كلمة الأخ مصطفى منار بإسم حزب جبهة القوى الديمقراطية

* اللقاء العلمي حول “من أجل تعليم يساهم في التنمية الشاملة” يأتي في سياق وطني دقيق
* الخطاب الملكي لذكرى 20 غشت أعلان عن انطلاق ورش حديث لإصلاح المنظومة التعليمية
* الاصلاح يجب ألا يقتصر على تغيير البرامج بل عليه أن يمس منطق التكوين وأهدافه
مقدمة
تقدم الأخ مصطفى منار بكلمة باسم حزب جبهة القوى الديمقراطية في اللقاء العلمي الذي حمل عنوان : “من أجل تعليم يساهم في التنمية الشاملة” المنظم من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي حول “المسألة التعليمية بالمغرب، قضية وطن ومواطن قضية” يومي 18 و 19 يناير 2013 بالرباط ، وكانت الكلمة عبارة عن مقاربة سياسية وأكاديمية دقيقة لواقع التعليم وآفاقه‘ غير مسبوقة ، نعيد نشرها تعميما لكلّ فائدة مرجوة وفيما يلي نصها :
كلمة الأخ مصطفى منار بإسم حزب جبهة القوى الديمقراطية في اللقاء العلمي حول “المسألة التعليمية بالمغرب، قضية وطن ومواطن قضية”
تقدم الأخ مصطفى منار بكلمة باسم حزب جبهة القوى الديمقراطية في اللقاء العلمي الذي حمل عنوان : “من أجل تعليم يساهم في التنمية الشاملة” المنظم من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي حول “المسألة التعليمية بالمغرب، قضية وطن ومواطن قضية” يومي 18 و 19 يناير 2013 بالرباط ، وكانت الكلمة عبارة عن مقاربة سياسية وأكاديمية دقيقة لواقع التعليم وآفاقه‘ غير مسبوقة ، نعيد نشرها تعميما لكلّ فائدة مرجوة وفيما يلي نصها :
السيد رئيس الجلسة.
السيدات والسادة،
باسم مناضلات ومناضلي حزب جبهة القوى الديموقراطية، وبالنيابة عن الأخ الأمين العام المناضل التهامي الخياري، شافاه الله وعافاه، يسعدني أن أتقدم إليكم بتحياتنا الحارة، مشفوعة بعبارات التقدير إلى كافة نساء ورجال التعليم، متشبثين بالنقابة الوطنية للتعليم العالي، الإطار العتيد والوحيد، والمكون الفعال والأساسي والمعين الدائم من أجل الدفاع عن مطالب رجال التعليم العالي، وتحقيق مكاسب جديدة للتاريخ، باعتبارها رافدا أساسيا من روافد القوى التقدمية الحداثية الديموقراطية، كما نثمن هذه المبادرة العلمية المواكبة لتطورات ومستجدات الساحة الوطنية .
ولا شك في أن هذه المبادرة تأتي في سياق وطني دقيق، تؤطره الإشارات القوية التي تضمنها الخطاب الملكي ليوم 20 غشت الماضي، الذي أعلن ضرورة انطلاق ورش جديد وفق مقاربات حديثة لإصلاح المنظومة التعليمية ببلادنا. بعد أن تبين بالملموس فشل السياسات السابقة لهذه المنظومة، التي كان من خلالها المسؤولون يختزلون المسألة التعليمية في الأرقام الإحصائية، في وقت ترسم فيه أرقام المؤسسات الدولية صور سوداوية عن الوضع التعليمي بالمغرب، حيث أكد تقرير اليونسكو الأخير على سبيل المثال على أن المغرب يحتل مراتب متأخرة في أغلب المؤشرات مقارنة مع دول عربية وإفريقية عديدة.
إننا في جبهة القوى الديمقراطية نعتبر المسألة التعليمية في صلب الشروط الأساسية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، لذلك يجب بذل مجهود خاص في مجال التعليم والتكوين تمشيا مع الإصلاح المنشود، الذي لا يقتصر على تغيير البرامج بل الذي يمس منطق التكوين وأهدافه، وذلك بإضفاء دلالات جديدة على عمل المدرس، فضلا عن تحويل المدرسة من شحن الذاكرة ومراقبة المعارف إلى صقل الحس النقدي وتنمية الذكاء للانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل.
إن إصلاح المنظومة التعليمية مرتبط في نظرنا برزمانة الأوراش الكبري والإصلاحات المؤسساتية في إطار مشروع تنموي ديمقراط حداثي، يشكل النهوض بالموارد البشرية أحد أهم مداخله الأساسية. ذلك أن إنجاح أي مشروع للتنمية يظل رهينا بقدرة البلاد على تعبئة مواردها البشرية وإشراكها في بلورته وتقييمه .
أيتها السيدات، أيها السادة،
يعد التعليم والتكوين عنصرين جوهريين وأساسيين من عناصر عملية التنمية. وعلى الرغم من الإصلاحات المنجزة، لا يزال نظام التكوين المغربي يسجل بعض الاختلالات، ومن أبرزها نذكر ضعف المردودية وانعدام التوازن بين الجهات وتدني الجودة.
علاوة على ذلك، لم تعد المدرسة وسيلة مؤكدة تمكّن المتعلم من الارتقاء الاجتماعي، الشيء الذي أدى إلى انعدام الثقة فيها وفي الفائدة المرجوة منها. كما أن أزمة التعامل مع المؤسسات الدراسية ما انفكت تتفاقم في المغرب.
لذا يتعين العمل على إعادة القيمة المفقودة إلى التعليم وإلى موظفي القطاع وخلق الظروف المواتية لإرساء تعليم فعال يستجيب لاحتياجات سوق العمل.
ويظل التعليم الثانوي للجميع هدفا قابلا للتحقيق ويكتسي صبغة ضرورية لتعويض التأخر الحاصل في مجال التمدرس والنهوض بالموارد البشرية في عالم مفتوح تطبعه المنافسة وأضحى فيه معيار المعرفة والكفاءة هو مقياس التفاضل الرئيسي. لأجل ذلك، يتعين إيلاء اهتمام خاص للاستثمار في بناء المدارس وتجهيزها، وتكوين المدرّسين. كما أن تخفيف اكتظاظ الفصول الدراسية، وتوفير التكوين المستمر للمدرّسين، وخلق فرص العمل للخرّيجين شروط أساسية لكسب رهان الجودة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الجهود المبذولة والإمكانيات المادية التي خصصت لهذا القطاع، إلا أن ثمة مشكلين كبيرين يعاني منهما هذا القطاع، وهما ارتفاع معدل الهدر المدرسي من جهة، وعدم ملائمة التكوين مع سوق العمل من جهة ثانية.
وعلى الرغم من المحفزات المقدمة لتشجيع الاستثمار في التعليم الخاص ومختلف الإجراءات التي تم اتخاذها لتأهيل هذا القطاع، إلا أن التعليم الخاص لا يزال غير قادر على أن الارتقاء إلى درجة شريك فبالأحرى منافس للتعليم العمومي حتى يتيح تقليص حجم إنفاق الدولة على قطاع التعليم. علاوة على ذلك، لا تزال نسبة التسجيل في المدارس منخفضة ومرتبطا أكثر بفكرة معالجة الهدر المدرسي.
إن جبهة القوى الديمقراطية تعتبر أن الحق في التعليم لا يجب أن يغطي على جودة هذا التعليم، خاصة وأن إصلاح التعليم والتكوين يستدعي مراجعة وسائل التعليم التقليدية وانفتاح المدرسة على محيطها. فتعليمنا يجب ألا يقتصر على تلقين المعارف، وإنما الاهتمام بتعلم الخبرة واكتساب فن الحياة. وبالتالي فإن أي خطاب حول النهوض بالتعليم يتطلب تغيير فلسفة التعليم ووسائل التلقين، كما يستدعي عدم الاكتفاء بتغيير البرامج والمناهج الدراسية والبدء في تغيير العقلية التي تحم نظامنا التعليمي والتربوي.
لقد كان التعليم دوما ولا يزال، أكثر من أي وقت مضى، يكتسي أولوية قصوى بالنسبة لجبهة القوى الديمقراطية. وعلى الرغم مما يمثله هذا القطاع من رهان كبير ومن الانخراط القوي لجميع الفاعلين التربويين، إلا أن الهوة لا تزال سحيقة بين الطموحات التي نعلقها على المدرسة والواقع اليومي للتعليم في المغرب. فالمدرسة ما زالت تنزع إلى توليد الفوارق أكثر
من تقليصها. علاوة على ذلك، تتفق كل الدراسات على أن الفشل الدراسي يزيد من التهميش الاجتماعي. ولا يمكن لأي أحد أن يتجاهل هذه الحقيقة.
لقد قلنا آنفا إن المدرسة تعد أحد أهم وسائل تمكين المواطن القادم من الاندماج الاجتماعي، وفي هذا الإطار، كلما كان التردد على الوسط المدرسي باكرا إلا وكان الاستئناس بالوسائل البيداغوجية والاندماج الاجتماعي المتولد عنه يوفران للتلاميذ فرصة التعلم في ظروف مثلى. ومن ثم فإن جبهة القوى الديمقراطية تدعو إلى تفعيل التعليم ما قبل المدرسي وموازاة مع الحفاظ على خصوصية التعليم الذي توفره رياض الأطفال، فإن من شأن تفعيل إجبارية التعليم ما قبل المدرسي في أربع سنوات أن يمكن التلميذ من التعرف على محيط سيكون رفيقه اليومي خلال السنوات الموالية.
في هذا السياق تقترح جبهة القوى الديمقراطية برنامجاعلى المدى المتوسط تتجلى بعض محاورها الكبرىفيما يلي.
الرفع من نسبة الإلتحاق بالمدارس إلى100في المائة.
مواصلة الحفاظ على مجانية التعليم الأساسي.
جعل مسالة التعميم مقترنة بالجودة.
تعميق برامج محو الامية وملاءمتهامع الخصوصيات المحلية والنوع الثقافي.
إجراء إصلاح عميق للهياكل المكلفة بتسير قطاع التربية و التكوين/في إطار إصلاح إداري شامل/.
ضمان تدبير أفضل للموارد البشرية وتحسين الظروف المعنوية والمادية للمدرسين وموظفي القطاع.
تطبيقالتكوين المستمر لفائدة المدرسين والمراقبين البيداغوجين.
يتعين على الدولة الإستمرار في هذا القطاع بتعزيز التوجيه نحو التخصصات العلمية و التقنية وملاءمتها مع إحتياجات البلاد والجماعات الترابية.
أيتها السيدات، أيها السادة،
إن إشكالات المسألة التعليمية كثيرة، لكننا نود هنا التأكيد على بعض النقط التي تبدو لنا أساسية :
• إشكالية التمويل و المجانية هذا الموضوع ينبغي معالجته بنوع من الجرأة السياسية والصراحة. وهكذا فنحن مع مجانية التعليم وتعميمه، وننادي إلى فتح حوار هادف وهادئ لتعبئة موارد مالية إضافية في الأسلاك الأخرى وخصوصا في التعليم العالي.
• إن تطوير نظام التكوين المغربي يعاني من الإكراهات المرتبطة بالموارد المالية. فقد بلغت الميزانيات المخصصة للقطاع مستويات قياسية أصبحت تشكل عائقا أمام تطويره. والهدف هو اقتراح الوسيلة التي سيمْكننا بها تقليص كلفة التكوين دون المساس بجودة النظام.
ولدعم هذه الجهود، نقترح :
– مراجعة الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على المنشآت والتجهيزات الدراسية .
– تسهيل وتشجيع الجماعات الترابية والمحسنين على المشاركة في بناء المؤسسات الدراسية في الوسط القروي
– تشجيع الجمعيات على المشاركة في الإدماج المدرسي .
– وضع برامج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
– إشراك جمعيات آباء وأولياء التلاميذ والجماعات في مشاريع التعليم والتكوين.
– الاستثمار أكثر في تقنيات المعلومات والاتصال الجديدة من أجل تجهيز كل مؤسسة دراسية بقاعة للوسائط المتعددة.
– تعزيز المؤسسات الدراسية بالإمكانيات المالية والبشرية من خلال تعويض الموظفين المحالين على التقاعد.
تدريس الأمازيغية: تطرح الأمازيغية، في منظور جبهة القوى الديمقراطية، في إطارها الثقافي العام كمكون من مكونات الأمة، ولا تهم فئة اجتماعية دون أخرى، أو منطقة معينة دون الأخرى، لذلك فجبهة القوى الديمقراطية تشجب كل الطروحات المغلوطة حول الأمازيغية.
فالتنوع الثقافي والتعدد اللغوي في المغرب حقيقة تاريخية وواقعية، فإذا كانت اللغة العربية قد تجذرت عبر قرون، بما هي لغة رسمية، وإذا كانت اللغات الأجنبية حاضرة وخاصة اللغة الفرنسية لما تحمله من ثقافة وفكر، فإن الثقافة الأمازيغية ولغتها، بلهجاتها المحلية، واقع حي بعمقه وتجذره التاريخيين، ومكون أساسي من مكونات الثقافة المغربية والهوية الوطنية. ولا يمكن تصور أي نهوض للثقافة الوطنية في كليتها، دون الإقرار بحالة التهميش والإهمال اللذين طالا اللغة والثقافة الأمازيغيتين، قبل أن يعمل الدستور الجديد على إنصافهما من خلال مما يفرض بالتالي كل الشروط الضرورية سواء على مستوى المنظومة التربوية أو الإعلام أو مجالات الممارسة الثقافية بصفة عامة، للتعبير عن ذاتها وتحرير قدراتها.
أيتها السيدات، أيها السادة،
لقد ترسخ لدى مناضلي الحزب منذ تأسيسه ،وبناء على قرارات وتوصيات مؤتمراته ، ان من أولويات أهدافه ،اهتمامه الخاص بالتعليم العالي ودمقرطة مؤسساته ،بالإضافة إلى اهتمامه ومشاركته في حجم التعبئة والحماس والنضال لدى الأساتذة الباحثين واستماتتهم في الدفاع عن مكتسباتهم وتجندهم الدائم لتحقيق مطالبهم المشروعة والعادلة.
قناعة منا ،أنه أصبح من الضروري،تقييم واقع مجتمع معين والحكم على تقدمه أو تخلفه ، غناه أو فقره،اعتماده الديمقراطية أم تغييبها ،يتوقف اليوم ويقاس على مدة فاعلية وفعالية المنظومة التعليمية وأن نجاح هذه المنظومة في تحقيق أهدافه تعتمد على تهيئة البيئة الصالحة لعملية التعليم وسياسته وفلسفته ، وهذه البيئة تضم عناصر متعددة ومتداخلة لعل أهمها الإهتمام بإصلاح القوانين المنظمة للمهنة.
كما يتطلب تصميم هذه البيئة الإهتمام بالجوانب الهيكلية والمؤسساتية والعلمية والبيداغوجية ،بتحليل مواطن الأزمة والإختلالات التي يعرفها القطاع ،ورصد الحلول كإمكانية لتجاوزها ،مع التركيز بالأساس على القلب النابض لهذه البيئة أي الأستاذ الباحث ،بتحسين وضعه الاجتماعي المزري أمام تحديات الاختناق الاجتماعي الخطير،نظرا لارتباطه العضوي والوظيفي بالبحث العلمي والتطلع للرفع من مستواه .
إن امتداد روح التغيير إلى المغرب والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،قد أفرزته مظاهر الفقر والهشاشة ،واتساع الفوارق الاجتماعية ،وتضييق الحريات وانعدام المسؤولية والمراقبة والمحاسبة ، يجعل من حزبنا كمكون سياسي يساري إلى جانب باقي القوى السياسية التقدمية الحداثية ،رفع التحدي بإدخال المنظومة التربوية والتكوين
والبحث العلمي برمتها،ومن خلالها التعليم العالي إلى عمق معادلة إعادة النظر والإصلاح الجذري ومواجهة الإختلالات ، سيما وأن هناك تقاطعا مع دستور المملكة الجديد في مقاربته للسياسات العمومية ,وكذا إنجاز البرامج الوطنية المنصوص عليها في الفصول 31،32،168 من الدستور.
وبدون الدخول في المناقشة التراتبية التي تطرحها الوضعية في ترابطها الجدلي بين مختلف المستويات فإننا نؤكد كحزب سياسي على أهمية طرح قضية التعليم العالي بالمغرب في إطار منظور شمولي متكامل الأطراف يأخذ بعين الإعتبار العلاقات العضوية التي تربط التعليم الإبتدائي والثانوي وتأثيرهما الكبير على مردودية وفعالية التعليم العالي .
على أن مقاربتنا لسياسة التعليم بالمغرب في ظل الحكومات المتوالية والإصلاحات المتعاقبة’سمتها الأساسية الإرتجال و التسرع’بدون أبعاد وبرامج إستراتجية حقيقية.بدءا بالميثاق الوطني للتربية و التكوين و المخطط الإستعجالي/2009-2012/أوصلت تعليمنا بشكل عام وتعليمنا العالي على وجه الخصوص’إلى نفق مسدود بتهميشه وإضعاف طاقاته البشرية وتحمليه مسؤولية ربط مشكل بطالة الخريجين بالجامعة ’ عوض الإقرار بفشل سياسةالدولة اتجاه القطاع’ والآن يروج لمشروع مخطط جديد لوزارة التعليم العالي2013-2016 وكأنه عصى موسى لحل أزمة التعليم العالي إذ نعتبره مسبقا إجترار لما ورد في البرنامج الإستعجالي وأن مآله الفشل و الإخفاق.لأن أي إستراتيجية للتعليم بالمغرب يجب أن تكون على المدى البعيد و المتوسط.
إن الأهمية الإ ستراتجية لقطاع التعليم العالي واستجابته لحاجيات البلاد في التنمية الشاملة’ وأمام تحديات الثورة العلمية والمعلوماتية تحتم علينا أن نتموقع كبلد بجانب الدول المسايرة للتطور والتقدم العلمي والتكنولوجي الوطني’إذ نعتبر البحث العلمي أداة للتحرر من التبعية خاصة في عالم المنافسة والعولمة ووسيلة نحو ثورة معرفية حقيقية.
على أن مسالة البحث العلمي وتوجيهه نحو النمو و التقدم مرتبط بعناصر متعددة أهمها النهوض بالموارد البشرية كمحرك رئيسي للتنمية’ لأن الأستاذ الباحث هو الثروة الحقيقية’ ويتعين أن يكون في قلب أية سياسة تنموية’ويشكل نقطة
إنطلاق و الوصول. ومن ثمة فإن نجاح أي مشروع للتنمية و البحث العلمي يظل مرهونا بقدرة البلاد على تعبئة مواردها البشرية وإشراكها وأن تكون المستفيد الأول من المشروع.
كما أن النهوض بالموارد البشرية يتطلب خلق ظروف العيش الكريم والعناية با لأسرة و إقرار التحفيز بالإضافة إلى استمرارية التكوين من أجل إكتساب المعرفة والخبرة والثقافة المنفتحة.
وعليه فإننا نرى ضرورة التوقف على المقترحات التالية ومعالجتها بشكل إستعجالي:
-إعادة النظر في القانون 00-01 المنظم للتعليم العالي وعلى الخصوص معالجة ثغرات هذا القانون، نتيجة لعدم مواكبته بالموارد البشرية والإمكانات المادية الضرورية، بما يستجيب وحاجيات بلادنا في التنمية الشاملة ومسايرة التطور المهول الذي يشهده العالم في ميدان الثورة المعرفية والتكنولوجية .
– إعطاء الأهمية القصوى للبحث العلمي الذي يستحيل تجاهله أو تهميشه أن تتحمل جامعتنا مسؤوليتها كاملة ,وذلك بتلازم مع مسألة تمويل الأبحاث و التخفيض العام من ساعات التدريس لتمكين الأساتذة من البحث العلمي و إلزامية تمتيع جميع
الأساتذة بالسنة السباعية بدون شرط أو قيد .بالإضافة إلى إعتماد اللغة الوطنية في ميدان البحث لإستعاب عمق المعرفة والإدراك المفاهيمي والعلمي.
-تفعيل الإختيار الديمقراطي كتابث من توابث الجامعة للأمة حسب الفصل الأول من الدستور , وذلك بتعزيز استقلالية الجامعة على المستوى البيداغوجي و العلمي و الإداري و المالي و تأهيلها للإنفتاح على المحيط الخارجي , ودمقرطة تسيير الهياكل الجامعية بانتخاب العمداء و المدراء و رؤساء المؤ سسات الجامعية, و كذلك رد الاعتبار لمكانة الشعب في مهامها العلمية و البيداغوجية .
-إعداة الكرامة الإنسانية لرجال التعليم العالي , وضمن قائمتها تدارس الوضعية المادية و المعنوية لأساتذة التعليم العالي كشريك و دعامة أساسية و ضمانة حقيقية لأي إصلاح في المستقبل , ومؤشر إخفاق أو نجاح أية مبادرة في المجال .
العمل على إزالة المرسوم 19 فبراير 1997 المشؤوم ,الذي زرع الفتنة بين الأساتدة و خلق الفئوية في التعامل مع الملفات المطلبية و طرح على الساحة مطالب الأساتذة المؤهلين المتضررين من حيف هذا المرسوم والعمل على إيجاد حل مستعجل لهذه الفئة حسب منطوق البلاغ المشترك ليوم الأربعاء 25 يناير 2012 ,فهم مستقبل الجامعة و مستقبل النقابة الوطنية للتعليم العالي .
-التسريع بوضع نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين في إطار الوظيفة العمومية تعتمد نظام الإطارين تطبيقا لشعار المؤتمر التاسع للنقابة الوطنية للتعليم العالي .
-استحضار سياسة الامركزية التعليم في إطار الجهوية المتقدمة و العمل على خلق أكثر من جامعتين في كل جهة.ومراعاة مناهج الدراسة لخصوصية الجهات.
-استئصال ظاهرة العنف والتعنيف داخل الحرم الجامعي.والتصدي لكل مظاهرة التطرف والتعصب الإيديولوجي.
-أجرأت وتفعيل المقتضيات الفصل 168من الدستور الحالي المتعلق بإحداث مجلس أعلى للتربية و التكوين والبحث العلمي.
– يجب أن تكون ثقافة التقييم قاعدةعامة في قطاع التعليم أكثر منه في قطاعات أخرى.فداخل الجامعات يتمثل هدف التقييم في تحديد أماكن الإختلالات ومكامن القصور واتخاذ الإجراءات الضرورية لمعالجتها قبل ا ستفحالها . ويجب أن يتم التقييم على المستوى البيداغوجي وأيضا على مستوى التدبيرالإداري والمالي والبحث العلمي.كما يتعين على الوزارة الوصية مواكبة الجامعات في تكوين مقيميين أكفاء.
وأخيرا من غير المقبول ألا يتم إخراج الوكالة الوطنية للتقييم المنصوص عليها قانونا إلى حيز الوجود.
في الختام نؤكد على أن مسألة التعليم بشكل عام و التعليم العالي بشكل خاص في صلب اهتماماتنا الراهنة و المستقبلية كحزب يساري مما يفرض علينا الآن فتح ورش إصلاح وطني حول التعليم والتكوين و البحث العلمي على غرار ورش الجهوية المتقدمة و منظومة العدالة سواء في إطار مبادرة ملكية أو حكومية .
إلا أن رفع هذه التحديات تستدعي وقفة تأمل و مراجعة الذات بالنسبة للعمل النقابي الجامعي لإعطائه نفس جديد بعيدا عن الاختناق و الاختراق و الرتابة , مع استحضار مستقبل القيادة النقابية الوطنية بتجديد النخب وتشبيب القيادة و دعم المرأة الأستاذة الجامعية في مراكز القرار . مع التذكير بإلزامية المواجهة كحق طبيعي و فتح باب الحوار عند الضرورة كشكل حضاري و بالتالي جعل العمل النقابي قوة إقتراحية في مواجهة خصوم الديمقراطية والحداثة و الرفع من عزة و كرامة الأستاذ الجامعي . نتمنى إن تسفر هذه الندوة على مقترحات وتوصيات تلبي مطالب الظرفية الراهنة وتدفع بالمنظومة التعليمية الجامعية إلى المسار المنشود من أجل مصلحة هذا الوطن .
و الـــــســــلام
المصطفى منار : عضو الأمانة العامة لحزب جبهة القوى الديمقراطية.