الأخ عبد القادر الراشدي يستعرض تجربة جبهة القوى الديمقراطية وشبيبتها في تأطير الشباب سياسيا.

استهل الأخ عبد القادر الراشدي ورشة الشباب والسياسة بوضع تساؤلات عامة مؤطرة من قبيل ماهي السياسة؟ هل نمارسها أم لا؟ وماهي عواقبها، ايجابياتها وسلبياتها؟ واعتبر مؤطر الورشة أن الشباب والسياسة في الجامعة الصيفية يتعدى كونه موضوعا مخصوصا بل محورا لهذه الجامعة. ويمكن أن يتفرع عن هذا المحور مواضيع متعددة..
لينتقل إلى تحديد المفاهيم الأساسية للورشة:
الشباب من هو ؟ والسياسة وماهي؟ فيما يخص المفهوم الأول اختار المتدخل أن يتحدث عن الشباب كفاعل سياسي في جزء أول ثم الشباب كموضوع للسياسة في جزء ثان.
وكما يفرض عمل الاوراش دائما من تفاعل، حاول المتدخل أن يفسح المجال للمشاركين للمساهمة في تحديد مفهوم الشباب وتعريفاته المختلفة، مستجمعا منسجما هذا التفاعل في تعريف متكامل باعتبار الشباب طاقة المجتمع وثروته الأولى به ينهض ويتقدم وبه يغتني ويثرى. ومن حيث المقاربة الزمنية فإن الشباب فئة عمرية توجد بين الأطفال والكهول والشيوخ.
وبالرغم مما توحي به الأحكام المسبقة بكون الشباب عطل عن الإنتاج، فإن المتدخل اعتبره فئة لا تساهم فقط في سلاسل الإنتاج وإنما أيضا في القرار الإنتاجي، وفي القرار السياسي في المغرب وإن بشكل ضعيف.
وحصر التدخل السقف العمري لهذه الفئة في 40 سنة، مذكرا بالقانون الأساسي لمبادرات الشباب المغربي في هذا الشأن.
هذا السقف أثار نقاشا داخل الورشة فيما يتعلق بمشروع القانون الذي تهيؤه الحكومة فيما يخص المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، والذي يحصره ما بين 18 و 30 سنة.
وبعد النقاش في معايير اعتماد القانون الأساسي لمبادرات الشباب المغربي لسقف 40 سنة، أساسا معيار الانتاجية ومعيار العمل ومعيار النضج السياسي ومعيار التكوين السياسي والحجاج على سلامة هذا الاختيار، انتقلت الورشة إلى تحديد مفهوم السياسة بطريقة تفاعلية..إذ وقفت الورشة عند صعوبة وضع تعريف واحد لمفهوم السياسة تبعا لتباعد المقاربات الايديولوجية المختلفة كما وقفت الورشة عند الاحكام السلبية لهذا المفهوم باعتبار فنا للكذب وفنا للمكر.
ولتجاوز هذه الأحكام المسبقة والسلبية ولتجاوز تعارض التعاريف الايديولوجية اعتبر مؤطر الورشة أن السياسة هي في الآن ذاته فنا وعلما له قواعده وأدواته ونظرياته وعلومه وعلماؤه.
كما وقف المتدخل عند التعريف الاصطلاحي لمفهوم السياسة باعتباره فنا للقيادة وفنا للرعاية وفنا للحكم وفنا للتدبير والتسير، وطريقة لتسيير شؤون المجتمع وطريقة لتوزيع موارد الدولة على المجتمع ومؤسساته وأفراده.
وميز المتدخل بين اختيارات كل مجتمع لطريقة توزيع موارده إما بطريقة ديمقراطية أو بطريقة غير ديمقراطية تبعا للنظام السياسي للمجتمع، معتبرا أن الطريقة الديمقراطية تتميز بمبدأ عدالة توزيع الثروة بينما في الطريقة غير الديمقراطية فإن الغالب هو احتكار هذه الثروات من لدن فئة اجتماعية محدودة أو طبقة اجتماعية دون غيرها.
ليتنقل المتدخل إلى تحديد مفهوم السياسة في الفكر السياسي باعتبارها فنا للممكن، وليس فنا لما ينبغي أن يكون، مستعرضا مختلف النظريات السياسية والعلوم السياسية ذات الملمح الاكاديمي الصرف، مميزا هذا الملمح عن الممارسة السياسية باعتباره فنا للممكن يخترق جميع الممارسات الاجتماعيةوالاقتصادية والثقافية.
واختتم المتدخل جانب التعاريف بالحث على ضرورة التكوين الذاتي والاطلاع وحب المعرفة والقراءة والتثقيف للارتقاء بالوعي السياسي للشباب مستعرضا جملة من الكتب والنظريات قديمها وحديثها ومعاصرها ككتاب الأمير لمكيافيلي وعالم السياسة الكندي دافيد ايشتونDAVID EASTON (1917/2014)ونظريته النسقية في كتاب “THE POLITICAL SYSTEM” مستعرضا أهم ملامح هذه النظرية : كمدخلات صانع القرار وعلبته السوداء ومخرجاته وهي مطالب مجتمعية ينبغي تلبيتها وعرج على مفهوم التأييد والمؤيدين مقدما أمثلة من صميم عمل الحكومة الحالية وقراراتها لا سيما تلك التي تمس القدرة الشرائية للمواطن بين المعارضين لها والمؤيدين لها، وحجج كل واحد منها. بعد ذلك انتقلت الورشة إلى الهدف الأساسي من الورشة وهو أن يتحول الشباب إلى فاعل سياسيا وشروط هذا الفعل أساسا الانخراط الواعي في المؤسسات المدنية والحزبية والمشاركة والتأطير وتمثل التاريخ السياسي للبلد واعتبر أن شروط هذا الفعل تتطلب أمرين :
المعرفة و الولوج إلى الملعومة وامتلاكها والحصول عليها من مصادرها كوسائل الاعلام والقراءة ومشاريع الحكومة ومختلف مصادر المعلومات، ثم تشاركها وتقاسمها.
واعتبر المتدخل هذين الشرطين أساسيين لحصول الوعي السياسي، باعتباره قدرة ومقدرة على تحليل المعلومات المتوفرة للوصول إلى النتائج مقدما مجموعة من الامثلة كالموسم الفلاحي وارتباطه وتبعيته للظروف المناخية وتأثير ذلك عن الانتاجية وعلى العمل وتأثيرها على الميزانيات العامة وسواها من المعضلات.
لتتختتم الورشة بطرق موضوع شائك وهو الشباب كموضوع للسياسة والمؤسسات المهتمة بذلك لا سيما القطاعات الحكومية والتي يختلف تعاطيها لهذا الموضوع انطلاقا من اصطفافها الايديولوجي والسياسي. ثم الأحزاب السياسية والجمعيات وبرامجها الموجهة إلى الشباب إضافة إلى مهامها الدستورية أساسا مهمة التأطير وهياكل التأطير ومضامين وتوجهات التأطير وأهدافه واختياراته السياسية وبرامجه مستعرضا تجربة حزب جبهة القوى الديمقراطية وهياكله وأدبياته في هذا الشأن.