الأخت بشرى الخياري تطالب بإشراك القيادات النسائية الحزبية في المشاورات حول الاستحقاقات المقبلة.

في رسالة مفتوحة الى رئيس الحكومة.
أعلنت الأخت بشرى الخياري عن جملة من مواقف جبهة القوى الديمقراطية من القضية النسائية انطلاقا من روح الدستور الجديد، وقالت الأخت بشرى الخياري رئيسة لجنة المناصفة للجبهة في رسالة مفتوحة وجهتها لرئيس الحكومة أن ” إن حكومتكم لن تساوي إلا ما يساويه تطبيقها وتفعيلها وإعمالها للنص الدستوري ولا سيما الانصاف الدستوري للمرأة، والذي وضعتموه، ووضعته حكومتكم، في مزاد الكلام والاستهلاك الإعلامي الفج، وفي حروب المزايدة السياسوية العقيمة والحاطة من الكرامة والتي تزيد من تكريس الصورة النمطية للمرأة “.
كما أضافت مخاطبة رئيس الحكومة ” إنكم مطوقون بواجب إعمال النص الدستوري، والذي يظهر أن حكومتكم تتلكأ وتهدر زمنا ثمينا، بعدم مباشرتها لتفعيل الفصل 19 من الدستور فيما يخص تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وبعدم إعمالها للفصل 30 من الدستور. و بخاصة المقتضيات التي من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المهام الانتخابية”.
وفي ما يلي النص الكامل للرسالة المفتوحة:
السيد رئيس الحكومة المحترم،
نذكركم أن دستور 2011 اعتبرناه، كجزء من داخل الحركة النسائية المغربية، ولاسيما القيادات النسائية الحزبية، واعتبره أغيارنا، واعترف به أعداؤنا، قبل أصدقائنا، بكونه دستورا من دساتير الجيل الجديد. الذي ميزته مشاركة المرأة تعبئة و نقاشا و تصويتا، وهو بالتأكيد جيل التحول الديمقراطي الكبير للمغرب. والذي لا يضمن فقط توزيعا وفصلا للسلط، وتنظيما وتحديثا للدولة، باعتباره دستورا مجاليا يعلي من شأن الجهوية والديمقراطية المحلية، كما لايضمن فقط ترسيخ ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة باعتباره دستورا للحكامة الجيدة، وإنما أيضا لأنه دستور يتأصل على تكريس التعاقدات بين الدولة والمواطن، أي الجانب الذي لا طالما أهملته حكومتكم، وهو تكريس ميثاق حقيقي للمواطن، ويظهر هذا التكريس في كيفية تعاطي حكومتكم مع مبدأ المساواة وتعزيزه بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ومما لا شك فيه، السيد رئيس الحكومة، أنه إن كان الدستور الجديد دستورا للمواطنة، ويقوم على ملكية مواطنة ضامنة لأسس الأمة، فإن حكومتكم عليها أن تتحلى بروح هذه المواطنة المؤسسة للتعاقد بين المغاربة ومؤسساتهم الدستورية، وتسرع في تفعيل مضامين الدستور، علما أن أي نص دستوري أو قانوني، لا يساوي في نهاية المطاف إلا ما يساويه تطبيقه وما يساويه مطبقوه، ولذلك، وليس من باب تسفيه الكلام وتركه على عاهنه، نقول لكم كنساء وكجزء من الحركة النسائية وكقيادات نسائية حزبية، إن حكومتكم لن تساوي إلا ما يساويه تطبيقها وتفعيلها وإعمالها للنص الدستوري ولا سيما الانصاف الدستوري للمرأة، والذي وضعتموه، ووضعته حكومتكم، في مزاد الكلام والاستهلاك الإعلامي الفج، وفي حروب المزايدة السياسوية العقيمة والحاطة من الكرامة والتي تزيد من تكريس الصورة النمطية للمرأة.
السيد رئيس الحكومة المحترم،
لا يخفى عليكم، وأنتم في مسؤولية قيادة الحكومة، وفي ظل دستور يمنحكم صلاحيات غير مسبوقة، أن أي خطاب يتوخى ويتغيى الالتفاف على الواقع وبطريقة كاريكاتورية، كأن يعلق فشل حكومتكم في تحقيق تنمية فعلية للمغاربة على شماعة خروج المرأة للعمل، كما تفضلتم بقوله والدفاع عليه، هو خطاب ديماغوجي يعالج المشاكل بغير أسبابها، وبهدف توسيع قاعدتكم الانتخابية.
فأنتم تعلمون قبل غيركم، أن ما يزيد على مليون ونصف أسرة مغربية هي تحت مسؤولية وعلى كاهل نساء المغرب وتصل في العالم القروي إلى 400 ألف أسرة. وأن المرأة المغربية مثلما هي عاملة (ويمكنكم العودة إلى الأرقام) هي أيضا فلاحة، ومثلما هي أمية، وبنسب لا تخلو من دلالة، هي أيضا في مصاف نخب المغرب العملية والعلمية. وإن كانت من أوهام راسخة وأحكام مسبقة حول عدم أهلية المرأة المغربية، فإننا نقول لكم السيد رئيس الحكومة المغربية الموقر، إنه نظرا للمعطيات المستجدة، فإن الهرم الإحصائي انقلب وينقلب لفائدة المرأة المغربية في كل مراحل الإشهاد التعليمي و التكويني، إذ بالرغم من عدم تكافؤ ولوج الجنسين للتعليم وبنسبة قد تتجاوز أحيانا 8٪، فإن هذه المعدلات تنقلب رأسا على عقب بدء بإشهاد الإعدادي التأهيلي ومرورا بإشهاد الباكالوريا، إذ تؤكد النسب أن الفتاة المغربية تتفوق بنسبة 9٪.وهذا برهان يدحض كل الأحكام المسبقة الحاطة من كرامة النساء وعدم أهليتهن.
نذكركم أيضا، أن حزبكم الحاكم، لم يتبوأ هذا الصف إلا بتضحية مناضلاته وبتصويت نساء البادية والمدينة على حد سواء. ويمكنكم استشارة وزير حكومتكم في الداخلية حول من يصوت ومن صوت لحزبكم؟ وماهي نسب التصويت اعتمادا على معيار النوع؟ وستجدون أن المرأة المغربية رقم غير قابل للاختزال في معادلة الانتخابات التشريعية أو المحلية أو المهنية.
لذلك نثير انتباهكم، السيد رئيس الحكومة المحترم، أن ما يجري من مشاورات بشأن الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2015 بين وزارة الداخلية، بتفويض منكم، وبين الأحزاب السياسية، تسير في اتجاه إعادة استنساخ التجربة الانتخابية السابقة، التي كانت تنتمي الى وضع سابق، و التي همشت استشارة المرأة، ولولا أن التدخل الملكي السامي، سنة 2009، قد فرض التمييز الإيجابي لفائدة النساء في مجال الولوج إلى الوظائف الانتخابية، لما مثلت المرأة في هذه الجماعات.
لذلك نحثكم، السيد رئيس الحكومة المحترم، على ربح الوقت وعدم هدره فيما يخص مشاركة المرأة، إذ أن ولوجها، سواء بالنسبة للاستشارة والرأي فيما يخص حيثيات وضع القوانين المؤطرة للاستحقاقات المقبلة، يعتبر حاسما في نجاح هذه الاستحقاقات، ونعتبره كجزء من القوى النسائية المناضلة والتقدمية والديمقراطية، قيمة مضافة، ليس فقط في باب الاستشارة والإنصات والأخذ بالرأي، الذي تبنى عليه كل ديمقراطية تشاركية، وإنما أيضا قيمة مضافة لحكامة الشأن العمومي المحلي والجهوي التي ينبغي أن ترسخ ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة وفقا لدستور الحكامة الجيدة.
ولا ريب أن الرابح قبل غيره سيكون المغرب وستكون المملكة المغربية قبل أن يكون الرابح حزبا سياسيا أو سواه. ولاشك أيضا أن ديمقراطية المغرب ستكون هي الرابح أصلا و فصلا.
السيد رئيس الحكومة المحترم،
إنكم مطوقون بواجب إعمال النص الدستوري، والذي يظهر أن حكومتكم تتلكأ وتهدر زمنا ثمينا، بعدم مباشرتها لتفعيل الفصل 19 من الدستور فيما يخص تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وبعدم إعمالها للفصل 30 من الدستور. و بخاصة المقتضيات التي من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المهام الانتخابية، إذ يظهر أن مشاورات وزارة الداخلية مع الأحزاب بشأن مدونة الانتخابات لا تكترث لهذه المقتضيات الدستورية. وهي اللامبالاة التي يمكن أن تكون مردودة باللجوء إلى السلطة القضائية للفصل فيها، متى تمادت حكومتكم في سياسة التهميش والإقصاء.
وعليه، فإننا كجزء لا يتجزأ من الحركة النسائية المغربية، نطالبكم ، السيد رئيس الحكومة المحترم، بالإسراع لتدارك هذا التمييز الذكوري بالعمل على ضمان مشاركة وتشارك القيادات النسائية الحزبية في هذه المشاورات حول الاستحقاقات المقبلة صيانة للروح الديمقراطية للدستور.
ولتكونوا موقنين، السيد رئيس الحكومة ونحن تدعوكم لتطبيق القانون، قد نلجأ من أجل ذلك إلى تحكيم أعلى سلطة تسهر على احترام الدستور، وعلى حسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق وحرية المواطنين والمواطنات، حسب ما جاء في منطوق الفصل 42 من الدستور.
وبه الاعلام والسلام.
بشرى الخياري
رئيسة لجنة المناصفة لجبهة القوى الديمقراطية