كلمة الأخ مصطفى بنعلي بمناسبة إحياء الذكرى السنوية الأولى لوفاة فقيد الحزب التهامي الخياري

فبراير 24, 2014
DSC_0162-1024x680.jpg

كلمة الأخ مصطفى بنعلي بمناسبة إحياء الذكرى السنوية الأولى لوفاة فقيد الحزب التهامي الخياري

 

 

الأخت رئيسة هذا اللقاء؛

السادة والسيدات أمناء ومسؤولي الأحزاب السياسية، الهيئات النقابية والجمعوية؛

السادة الوزراء والمنتخبون؛

السادة ممثلي السلك الدبلوماسي؛

نساء ورجال الإعلام؛

مناضلات ومناضلي جبهة القوى الديمقراطية؛

أيها الكرام الحاضرون في هذا اللقاء البهي.

إن جمعنا اليوم، بهذا التنوع والغنى، في هذا الحفل المهيب، بمناسبة مرور سنة على رحيل السي التهامي الخياري، ليس مجرد طقس من طقوس التعبير على الحزن المستمر لفقدان الرجل، وهو ليس مجرد مناسبة لتعداد مناقبه وعطاءاته.

 إن جمعنا اليوم الذي يعبر عن عرفان واعتزاز جبهة القوى الديمقراطية بالمسار النضالي  للسي التهامي،  وبرصيده وإسهامه الفكري والسياسي، هو موقف نبيل، في زمن اختلت فيه القيم، وعز فيه الاعتراف بالجميل.

إنه جمع مرادف للإحتفاء، مؤسس على نبل العمل السياسي وقيمه السامية، ومنخرط في الأفق النضالي للعائلة الفكرية لجبهة القوى الديمقراطية، ذلك الأفق الذي يتجاوز، بتساميه العقلاني والإنساني، كل القرابات وكل الراوبط، غير تلك المرتبطة بسيرورة تحديث ودمقرطة المجتمع والدولة.

إن جمعنا اليوم هو بمعنى ومغزى نجاح الفقيد، بمعية ثلة من المناضلات والمناضلين، في تشييد أركان جبهة القوى الديمقراطية، كحزب يساري حداثي وديمقراطي قائم الذات، تنويري البعد والوظيفة، ديمقراطي ومنفتح  البنية والهياكل،  يسعى لتجذير منظومة جديدة من القيم والسلوك والمواقف، التي تخضع بمجملها  لضوابط  العقل المستقل.

أيها الحضور الكرام؛

لقد وعت جبهة القوى الديمقراطية، ومنذ بدايتها، أن التغيير الديمقراطي الشامل المنشود، لايستوجب فقط مجرد الإرادة السياسية في التغيير، بل أساسا امتلاك الآليات والأدوات الكفيلة ببلورة هذا التغيير وتجسيده عبر تعبئة الشعب وقواه الحية، بما يتطلبه ذلك من خطاب وممارسة سياسيين تقدميين، ينأيان عن التصلب الفكري، ودوغمائية القناعات، وازدواجية الإرساليات، ويترفعان عن الديماغوجية والشعبوية.

إن الوعي بهذا الوعي، أمانة تطوق أعناقنا، وهو جوهر رسالتنا لإكرام روح فقيدنا السي التهامي، إن رسالتنا هي أن تبقى جبهة القوى الديمقراطية، كما كانت دائما وأبدا، فصيلا تقدميا ربط تأسيسه ووجوده بتبني مشروع سياسي يروم الإسهام، في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، وبناء مغرب التنمية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

إن رسالتنا اليوم هي أن نواصل النضال من أجل مجتمع يسوده وعي مدني، مبني على قيم التسامح والاختلاف، وتحضر فيه قيمة الإنسان وحريته، مجتمع لا يقبل بأن تبقى فيه الذكورة قيمة معيارية،  مجتمع يعي تمام الوعي بأن تغييب نصفه عيب وجودي، وتغييب لحظوظه في التقدم والتنمية.

إن رسالتنا هي أن تحمل جبهة القوى الديمقراطية دائما وأبدا مشعل النضال السياسي والفكري، لإشاعة قيم التنوير والتحرير، وإعمال الجدلية الاجتماعية، الكفيلة بإبطال الفكر الشمولي الذي تتلاشى معه فرص الإبداع والمبادرة.

إن رسالتنا نابعة من نضالنا من أجل رد الاعتبار للفكر، ومن اعتبارنا للثقافة ضرورة فاعلة لتشكيل الوعي الحداثي الديمقراطي وتأهيل العنصر البشري وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على صيانة قيم الشخصية والهوية المغربية وإثراؤها عن طريق التفاعل الايجابي مع القيم الكونية والانسانية.

أيها الحضور الكرام؛

إن هوية جبهة القوى الديمقراطية الكامنة في رسالتنا النضالية والسياسية، لن تكتمل إلا بالتطرق لمنظورنا لمسألة التحالفات، وهو منظور عملي يعتبر رصده توصيفا بليغا، قد يكون أبلغ من كل الصور التي قدمت للفقيد السي التهامي.

 لقد سعى رحمه الله دون كلل إلى فتح نقاش واسع ومعمق بين كافة قوى اليسار وكافة الفعاليات والقوى الديمقراطية الحداثية في المجتمع، لغرض إعمال التفكير الجماعي، قصد تحديد منطلقات وصيغ العمل الوحدوي، على أساس برنامج حد أدنى مشترك.

 إن عملا حثيثا من مقدار ما قدمه الفقيد في هذا الباب لا بد أنه كان نابعا من القناعة الراسخة بضرورة توحيد قوى اليسار والحداثة، وضمان تكتلها حول قيم وقضايا اليسار الديمقراطية، وحول برنامج حد أدنى للعمل المهيكل المشترك، مع الانفتاح على مختلف الهيئات والفعاليات الديمقراطية الحداثية في المجتمع، مع ما يقتضيه ذلك من أداء قوى اليسار لدورها في نهج سياسة القرب تجاه المواطنين، بتأطير ودعم كفاحاتهم الاجتماعية اليومية من أجل رفع الظلم والحيف الاجتماعيين، والدفاع عن حقهم في العيش الكريم.

إن قناعة جبهة القوى الديمقراطية تتعزز، يوما بعد يوم، بسمو هذا الطرح، وهي تطرح علينا مهاما نضالية مستقبلية اتجاه لم شمل القوى الديمقراطية الحداثية بالمجتمع في تجمع واسع يضمن السند الشعبي الضروري لاختيارات الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية. ويعزز في ذات الوقت تماسك الجبهة الداخلية في الدفاع عن مصالح الوطن العليا وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، وفي مواجهة التحديات الخارجية.

حضرات السيدات والسادة؛

إن مهامنا النضالية وتحالفاتنا السياسية مؤطرة بقراءتنا للوضع الاجتماعي ببلادنا الذي لا يزيد إلا احتقانا وتوترا، بفعل الارتفاع المتوالي لأسعار المواد الاستهلاكية وتدني الخدمات الأساسية، مما ينذر بتهديد الاستقرار الذي تعيشه بلادنا والذي تكتلت الجهود للحفاظ عليه باعتباره إحدى الشروط الأساسية لبناء دولة الحق والقانون ولضمان البناء الديمقراطي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي.

إن محاربة الاختلالات الاجتماعية تستلزم إرادة قوية لوضع سياسية واضحة المعالم تتولى الحكومة تطبيقها وتتخذ بشأنها كل الإجراءات الضرورية لتأمين أسس السلم والاستقرار الاجتماعيين، ذلك أن التحديات التي تواجه بلادنا والمتمثلة في استكمال وصيانة الوحدة الترابية ومحاربة الإرهاب  وتطوير الاقتصاد الوطني ومحاربة الفقر والهشاشة وإرساء دعائم  دولة الحق والقانون، تتطلب تفعيل ميكانيزمات المحافظة على السلم الاجتماعي واعتماد سياسة تنموية اجتماعية.

كما تتطلب مهام التأهيل الاجتماعي إعادة النظر في الاختيارات الاقتصادية السائدة لوضع تصور جديد لوظائف الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، و محاربة اقتصاد الريع والامتيازات والمضاربة بكل أشكالها، لأن هذا  النوع من الاقتصاد يقتل المبادرة ويكدس الثروة في أيدي من لا يساهمون في إنتاجها، كما أنه اقتصاد لا يخلق فرص الشغل، ولا يعتمد على الإمكانيات الذاتية لتأمين إنتاج الثروة  الكفيل بامتصاص البطالة والتقليص من مستويات الفقر والهشاشة .

ومهما كانت الاختيارات فإن سعينا سيبقى حثيثا لإقامة مجتمع العدالة الاجتماعية، من خلال الحث على إنتاج الثروة وضمان التوزيع المنصف لها، ومكافحة جميع مظاهر الإقصاء والحرمان الاجتماعي، عبر النضال ضد ضرب القدرة الشرائية للمواطنين وآفة البطالة اللتان تهددان تماسك المجتمع ، وكذا مواجهة كل مصادر التفاوتات الاجتماعية و المجالية والتهميش و الهشاشة  والجهل و الأمية .

إن ظهور وتفشي عددا من مظاهر التفكك والهشاشة الاجتماعية، وسط شرائح واسعة من المجتمع المغربي وشبابه على الخصوص يبرز بشكل لا يحتاج للتدليل، فشل مقاربة التوازنات المالية المقترنة بالتدخلات الاستعجالية لإخماد الكوارث الاجتماعية، التي تعددت مظاهرها وأشكالها. إن العلاج الجدري للمشاكل الاجتماعية يتطلب وضع سياسة تعالج الأزمة من جذورها،  وتتصدى للأسباب المسببة الحقيقية، عوض الاهتمام بالنتائج.

حضرات السيدات والسادة؛

يقتضي المقام، ونحن نجدد التزامنا بوعينا الاجتماعي ومهامنا النضالية،  أن نؤكد إن كان الأمر يحتاج إلى تأكيد، إلى المهام البالغة الاستعجال والمرتبطة بتطبيق الدستور الجديد، وتأويل متنه تأويلا ديمقراطيا، من خلال إخراج كافة القوانين المرتبطة به إلى حيز الوجود، مع العمل على تهيئ الإطار القانوني والمؤسساتي كي تفضي الاستحقاقات المقبلة من الناحية السياسية إلى مؤسسات منتخبة متجانسة ذات رؤية مشبعة بالقيم الديمقراطية الحداثية التي تؤطر دستور فاتح يوليوز وتفتح الأبواب  مشرعة أمام استكمال بناء الدولة العصرية، وإشاعة القيم الكونية للعصر، قيم الحريات وحقوق الإنسان، وقيم الحداثة والانفتاح.

إن مهاما من هذا النوع تضع جبهة القوى الديمقراطية على عتبة مرحلة جديدة في تاريخها. تجد فيها نفسها أمام أوراش كبرى، سواء على المستوى السياسي العام، بمواصلة جهودها ومبادراتها للإسهام في بلورة جبهة وطنية لكل الديمقراطيين والحداثيين للدفاع عن المكتسبات الديمقراطية وفتح آفاق جديدة لها.

أو على المستوى التنظيمي الداخلي، بشحذ الأدوات التنظيمية وتعزيز صفوفها، وتجديد وتطوير آليات اشتغالها، قيادة وقاعدة، أو على المستوى التأطيري الجماهيري، بتكثيف وتوسيع العمل اليومي المجاور للمواطنين، مع تنويع أدوات التأطير والتنظيم، وتكييف أساليب العمل حسب حاجيات المواطنين وانتظاراتهم.

ويبقى ورش استكمال وصيانة الوحدة الترابية للمملكة من صميم الأوراش التي اعتبرتها ستظل تعتبرها جبهة القوى الديمقراطية أولوية الأولويات، وتعتبر أن النضال في هذا الورش يتم عبر الوصول إلى حل سياسي نهائي متفاوض بشأنه لقضية الأقاليم الصحراوية، حل  يمكن سكان هذه الأقاليم  من التدبير الواسع لشؤونهم في إطار السيادة الوطنية؛ بما يتطلبه ذلك من تعزيز الجبهة الداخلية واستحضار أهمية و ثقل الإجماع الوطني في معركة صيانة الوحدة الترابية وترسيخ مسار البناء الديمقراطي وتوسيع التدبير الجهوي.

إن المشروع المجتمعي لجبهة القوى الديمقراطية مشروع تلتقي فيه مع كل القوى التقدمية الحداثية التي تؤمن بالديمقراطية و تناضل لصالح مجتمعات إنسانية عادلة تحترم الإنسان وحقوقه، مشروع مجتمعي اجتهد الفقيد السي التهامي من أجله لإعادة اكتشاف الهوية اليسارية الديمقراطية في الواقع المغربي حيث تنبسط تلك الهوية عبر مهام اجتماعية تطرحها خصائص المجتمع المغربي وضرورات تقدمه  ونماءه.

فنم يا فقيدنا العزيز قرير العين، لقد أخلصت وأبدعت، وهاهي جبهة القوة الديمقراطية كما أردت دوما تواصل المسير بكل تأن وثبات.

والسلام عليكم وشكرا على حضوركم وحسن انتباهكم.


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية