"على المستثمرين المغاربة أن يعطوا النموذج ويبادروا إلى الاستثمار في الصحراء"

ماي 23, 2013
KASTYA1.jpg

المستثمر “كاستيا خوسي كارلوس فرنانديز” لـ  “المنعطف”:

حاوره : هشام المدراوي

اسمه “كاستينا خوسي كارولوس فرنانديز”، رجل أعمال إسباني في عقده السادس، عشق مدينة العيون حاضرة الصحراء والقلب النابض للأقاليم الجنوبية إلى حد الجنون، وهو ما شجعه على الاستثمار بهذه المدينة في مجال الفندقة، حيث لم يتردد في اقتناء فندق “العالية” الشهير، ليعيد بناءه وهيكلته وفق أسس راعى فيها المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة وأعطاه اسم “الحمراء” تماشيا مع طبيعة المنطقة. الجريدة زارت المستثمر الاسباني من أجل التعرف على وجهة نظره بخصوص واقع السياحة بالمنطقة وأهم العراقيل التي تحول دون النهوض بها. فكان لها معه الحوار التالي :

نص الحوار :

 

ـ كيف جاءتك فكرة الاستثمار في مجال الفندقة بمدينة العيون؟

في الحقيقة هناك مجموعة من الأسباب التي دفعتني إلى الاستثمار بهذه المدينة، هناك أولا تعلقي بالمدينة حيث كان لي شرف التواجد هنا سنة 1968، وثانيا بتشجيع من صديق عزيز علي اسمه “دحمان البشير بيروك”، الذي أخبرني بأن لديه فندقا ولكنه يعاني مشاكل كثيرة في تسييره، لذلك بادرت رفقة صديق آخر إلى القدوم إلى مدينة العيون. اشترينا الفندق وبادرنا إلى إعادة هيكلته للاستجابة لمتطلبات السياح الوافدين على المدينة.

ـ هل تنوي فتح مشاريع أخرى بالمدينة؟

الأمر متوقف بالأساس على نجاح هذا المشروع، فلدي عدة أفكار وكثير من المشاريع المرتبطة أساسا بالمجال السياحي، غير أنني لا يمكن أن أطلقها دفعة واحدة، إلى حين الوقوف عند النتائج التي سوف يحققها هذا المشروع الذي نراهن عليه ليكون مفتاحا لإطلاق سلسلة من المشاريع الأخرى.

ـ تزامن انطلاق مشروعكم مع عدة أحداث عنف شهدتها المدينة، هل كانت لذلك انعكاسات عليكم؟

بطبيعة الحال فتلك الأحداث قد أثرت بشكل كبير ليس فقط على مشروعنا، بل على مشاريع أخرى، خصوصا وأنها تسببت في ركود سياحي غير مسبوق في تاريخ المدينة، وهذا أمر لم تنفرد به المنطقة فحسب،وهنا أستحضر النموذج التونسي الذي يعتمد على القطاع السياحي بالدرجة الأولى، فبفعل المشاكل السياسية الذي عاشت على وقعها البلاد، تراجعت الحركة السياحية إلى أدنى نسبها، وهو أمر طبيعي خصوصا ما إذا علمنا أن السياح يريدون قضاء عطلهم في مكان مستقر وليست فيه أية مشاكل، وهنا يجب الإشارة إلى أمر مهم للغاية هو أن التغطية الإعلامية التي تمت بخصوص الأحداث المصاحبة لتفكيك مخيم “أكديم إيزيك”، ولا سيما منها التغطية الاسبانية لم تكن موضوعية وأثرت سلبا على الرأي العام الدولي بخصوص نظرته لتلك الأحداث.

ـ وفي نظرك كيف يمكن تجاوز الأثر التي خلفتها تلك الأحداث على القطاع السياحي بالمدينة؟

من أجل تجاوز تداعيات تلك الأحداث على القطاع السياحي بالمنطقة يجب أن تبذل جميع الفعاليات المتداخلة في القطاع جهودا مضاعفة،من أجل تسويق صورة جديدة للمنطقة لدى الرأي العام الدولي. على سبيل المثال استغلال المعارض الدولية للسياحة التي تكون مدن كمراكش وأكادير وطنجة حاضرة بأروقتها داخلها، فلماذا لا تكون الصحراء لن تكون حاضرة هي الأخرى؟ وهذا خطأ كبير يجب أن يستدركه المشرفون على القطاع السياحي بالمغرب، فيجب آن يتم تسويق المنتوج السياحي للمناطق الجنوبية وأن تعكس صورة حقيقة عن الوضع الآمن بها عكس ما يتم الترويج له إعلاميا من لدن بعض الجهات لا سيما الاسبانية منها.

ـ أليس من المفارقات الغريبة أن تستقطب جهة العيون مستثمرين أجانب من أمثالك في حين يتجنب المستثمرون المغاربة الاستثمار بالمنطقة؟

كشخص مطلع على شؤون المغرب أرى أن هناك عددا لا يستهان به من المستثمرين المغاربة بمختلف مناطق المغرب، وأنا أتساءل في كل مرة عن سبب عدم إقدامهم على الاستثمار بالأقاليم الجنوبية عامة،والعيون بصفة خاصة عوض انتظار أن يبادر إلى ذلك المستثمرون الأجانب، فالمستثمرين المغاربة يستثمرون حاليا في سويسرا واسبانيا وعدد من البلدان الأخرى على صعيد أوربا  وخارجها فلماذا لا يقومون بالاستثمار هنا بالصحراء،فهذا سوف يمكن من حل مجموعة من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الجهة من قبيل القضاء على البطالة،وتوفير العملة الصعبة اللازمة لتحريك عجلة الاقتصاد بالمنطقة وتنميتها  على جميع الأصعدة والمستويات. خصوصا وأننا على بعد كيلومترات قليلة من جزر الكناري التي تبقى منطقة سياحية مهمة لدى مختلف المنعشين في المجال السياحي، والتي عمل أثرياؤها على بناء مجموعة من الشقق والإقامات من أجل الاستجابة للطلبات المتزايدة للسياح الوافدين عليها، وقد مكن تهيئ البنية التحتية الملائمة، في تسابق كبريات الشركات من أجل الاستثمار بها، ما ساهم في جلب اكبر قدر ممكن من السياح وهذا ما ينقص هنا بالعيون وبالأقاليم الجنوبية على وجه العموم.

ـ في نظرك ما هي أهم المعيقات التي تحول دون النهوض بالقطاع السياحي بالمنطقة؟

لحد الساعة فإن الأشخاص الذين يستثمرون في القطاع السياحي يفضلون الاستثمار بكلميم في اتجاه الشمال.المشكل الأساسي الذي يقف وراء عدم الاستثمار في هذا القطاع بالصحراء، هو المشكل السياسي للمنطقة،وأنا أرى في هذا الصدد أن المغرب قام بمبادرة جريئة متمثلة في مبادرة الحكم الذاتي،التي تبقى في نظري الحل المثالي لطي هذا المشكل،خصوصا وأن هذا المقترح  ساري المفعول بالنسبة لجزر الكناري التي لها رئيس جهوي يسير شؤونها الإدارية، المشكل الثاني هو غياب بنيات تحتية رئيسية تستجيب لتطلعات السياح، من قبيل الطرق التي تربط المدينة بمختلف القرى والمناطق السياحية الطبيعية، زد على ذلك غياب مراقبة وحماية المواقع الأركيولوجية، خصوصا وأن الجميع يعلم بأن الصحراء توفر سياحة متنوعة ثقافية ورياضية … تنبع من روح المغامرة،هناك أيضا ضعف تغطية النقل الجوي وغياب تكوين أشخاص محترفين في مختلف المجالات ذات الصلة بالقطاع السياحي وفي مقدمتهم المرشدون السياحيون.

ـ ما هي مقترحاتك للنهوض بالقطاع السياحي بالمنطقة؟

جرى الحديث كثيرا عن سباق باريس دكار،الذي يمر عبر المغرب فلماذا لا يتم التفكير في سباق ينطلق من اسبانيا عبر جزر الكناري والصحراء إلى الحدود مع موريتانيا. هذه فكرة سوف تمكن من انعاش السياحة بهذه المناطق وسوف تجعل وجهة الصحراء معروفة لدى العالم بأسره،من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة المماثلة، بالإضافة إلى ضرورة  توفير كورنيش في المستوى المطلوب بالمنطقة، وأنا لا أتحدث هنا على “فم الواد”، بل أقصد الشواطئ المتواجدة ما بين العيون وطرفاية، والتي يجب أن توفر بها مركبات سياحية،من اجل خلق مناطق تشجع المستثمرين على القدوم، وخلق مشاريع سياحية بها. أركز على ضرورة تسويق صورة جديدة للصحراء المغربية،كواجهة سياحية مؤمنة وليست بها أية مشاكل، وهنا يكمن دور الإعلام المغربي، فكبريات الشركات الاسبانية السياحية المتواجدة على مستوى الأقاليم الشمالية لم تأت بمحض الصدفة، بل نظرا لما استطاعت هذه الأقاليم تسويقه لدى الرأي العام الاسباني .المشكل فقط  يوجد على مستوى الأقاليم الجنوبية، نتيجة الصورة المغلوطة التي سوقتها بعض الجهات. فهناك البعض في إسبانيا لا زال يتصور آن هناك حربا بالصحراء، وأن الأشخاص يتقاتلون فيما بينهم.وهذا أمر مغاير للحقيقة،لذا فإن مجهودا جبار ينتظر المغرب من أجل تصحيح نظرة هؤلاء إلى تلك الأقاليم،من أجل تشجيعهم للقدوم إلى المنطقة والاستثمار بها، خصوصا وأن الصحراء توفر إمكانيات مهمة للغاية. هناك مسألة أخرى مهمة للغاية، فعندما نتحدث عن الاستثمار نتوجه مباشرة إلى الأجانب يجب على المستثمرين المغاربة آن يعطوا النموذج،وأن يبادروا إلى الاستثمار في الصحراء وهذا الأمر سوف يشجع بقية المستثمرين الآخرين  لسلك نفس الطريق. زد أيضا مسألة ارتفاع تكاليف  النقل الجوي، فلماذا لا يتم الاستفادة من السياحة الداخلية سواء بأكادير أو مراكش أو الرباط أو طنجة عبر إطلاق أسعار تفضيلية وفتح صالات سياحية بتلك المدن للتعريف بمؤهلات الصحراء؟.

                                                                                          ( المنعطف 23 ماي 2013 )


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية