في مذكرة جبهة القوى الديمقراطية إلى الأحزاب المغربية * المشهد السياسي الوطني يستوجب تفعيل الدستور، و خلق حوار وطني شامل حول المنظومة الانتخابية.

عبد الرحيم لحبيب/ الملحق الإعلامي
على هامش تقديم الجبهة لمذكرة مطلبية إلى الأحزاب المغربية، بشأن ما تراه أولوية لضمان انتخابات تشريعية، شفافة تعيد للمؤسسات مصداقيتها، و تنتج تعددية سياسية حقيقية، نعرض هنا، قراءة في المحاور الأساسية، التي ارتكزت عليها المذكرة، استجلاء لأهميتها، في دعوة الفاعلين السياسيين، إلى المساهمة في طرح بديل تشاركي، يوفر الشروط الضرورية للممارسة السياسية و الحزبية الحقيقية و المسؤولة، في المجتمع، و نخصص الحديث، في هذا المقال، حول الدعوة لتفعيل الدستور، و مطلب خلق حوار وطني شامل، للتوافق حول المنظومة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقبل.
في ارتباط بما طرحته مذكرة جبهة القوى الديمقراطية، التي وجهتها أواسط يناير الجاري إلى الأحزاب المغربية، تتعلق بجملة من الاقتراحات العملية، الهادفة، إلى إنقاذ الوضع الذي عاشته الحياة السياسية المغربية، و لاتزال، منذ الولاية التشريعية، التي جاءت بالحكومة الحالية، إلى مناصب القرار، تقترح الجبهة، تحريك الركود القاتل، الناتج عن إصرار الحكومة، في التغاضي عن تفعيل مضامين الدستور، و بالتالي إجهاض تطلعات المغاربة، نحو تحقيق النموذج المجتمعي، الذي توفره دلالات و أبعاد هذا الدستور.
جاء مطلب جبهة القوى الديمقراطية، ملحا في إعمال مضامين الدستور، بديلا أوحدا، لتجاوز ركود ولد خطابا سياسيا، لم يسبق أن سجل، في تاريخ الحياة السياسية بالمغرب، تدنيا مماثلا له. خطاب سياسي ديني، شعبوي، تنامى و أفرغ العمل السياسي من جدواه، و أفسح المجال لنقاشات مشخصنة، لا تقيم للذات وزنا، و لا تحمل للمؤسسات احتراما.
و تبرز مذكرة الجبهة مدى إخفاق الأداء الحكومي ، في كون دستور2011، الذي جاء لترسيخ مكاسب ديمقراطية سابقة، و لإرساء اختيارات جديدة متقدمة، لم يجد إلى اليوم، الطريق إلى التأويل الإيجابي، و التفعيل الكامل لمضامينه، ليستجيب لانتظارات المغاربة. دستور متقدم، كقاعدة انطلاق جديدة، لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، الذي يبوئ المغرب، مكانة أفضل بين الأمم.
لذلك تؤكد المذكرة أنه حان الوقت اليوم، لاستئناف المسار، من أول نقطة تعثره، مباشرة بعد إقرار دستور2011، و بدءا بتصحيح الاختلالات، التي شابت المشهد السياسي، طيلة هذه الولاية التشريعية، التي تشرف على نهايتها. كما توضح المذكرة أن استئناف المسار، لن يتأتى إلا بالعودة، إلى التفعيل الحقيقي للدستور ، و الاحتكام إليه نصا و روحا، و تأويله ديمقراطيا، و توفير شروط انبثاق مشهد سياسي متوازن، يعكس التعدد السياسي الفعلي، لضمان تمثيل كل الحساسيات السياسية، الكامنة في المجتمع، و في المؤسسات المنتخبة، مؤسسات تمثل الشعب، بكل المكونات العضوية، للهوية الحضارية، في إطار الوحدة الوطنية.
منطق الطبيعة و العقل يؤكدان، أن المدخل الأول و الأخير، لملأ الفراغ في الطبيعة، كما في السياسة، هو الاحتكام إلى المصدر و المنطلق، و هو هنا الدستور، أسمى تعبير عن إرادة الأمة، و الانكباب على تفعيل و تأويل مضامينه، ديمقراطيا.
وطالما أن المؤسسة التشريعية، سلطة تسن القوانين الضابطة للمجتمع، فالجبهة تدعو إلى حوار وطني عمومي، مفتوح، جاد ومسؤول، حول المنظومة الانتخابية، المتعلقة بالاستحقاق التشريعي المقبل، حوار يفضي إلى توافقات، تأخذ برأي الأغلبية، لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وفقا لمبدأ التشاركية،المضمن في الدستور ذاته.