موقع جريدة الخبر:بنعلي: الحكومة تتعامل مع موضوع الانتخابات خارج السياق الدستوري

مارس 18, 2015
Benali-2.jpg
العدد : 1086   12 – 18 مارس 2015
الرباط – دلتا العطاونة

قال المصطفى بنعلي، الأمين العام بالنيابة لجبهة القوى الديمقراطية، إن الحكومة الحالية التي يقودها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تفتقر إلى وضوح الرؤية في ظرفية وطنية صعبة، يعاني فيها الاقتصاد الوطني من مخلفات الأزمة العالمية، ومن التحولات المتسارعة في المحيط الجيوستراتيجي، خاصة أنها حطمت كل الأرقام في ما يخص الاقتراض، كما أن هذه الحكومة تواجه المطالب الاجتماعية بالتفاف وعدم وضوح.
وفي سياق آخر، في هذا الحوار مع “الخبر”، اعتبر بنعلي أن الانتخابات المقبلة فرصة لإيقاف هدر الزمن الدستوري الجديد ومناسبة للتعبئة الوطنية لاسترجاع الثقة في الشأن العام، مؤكدا على ضرورة فتح نقاش وطني يواكب بمجهود للإعلام العمومي وتساهم فيه كل القوى وتطرح فيه كل القضايا من قبيل إعداد الهيأة الناخبة، ونظام اللائحة ووحدة المدينة ويوم التصويت والعتبة والتمثيلية السياسية لأفراد الجالية.

< صادقت الدورة الرابعة للمجلس الوطني لحزبكم المنعقدة مؤخرا بالرباط على تقرير سياسيي جاءت فيه مطالبة حزبكم للسلطات المغربية بوقف المفاوضات مع البوليساريو، ألا تعتقدون معي أن هذا الموقف مخالف للإجماع الوطني وقد لا يخدم قضية الوحدة الوطنية، إذ إن وقف المفاوضات مع البوليساريو يعني العودة إلى إطلاق النار والحرب؟
أعتقد أن موقفنا يحتاج إلى توضيح، فنحن نتتبع عن كثب حال إخواننا المحتجزين بمخيمات تيندوف، ولاحظنا أن هناك محاولات وصلت إلى حد حمل السلاح من أجل منازعة القيادة السياسية التاريخية للبوليساريو في تمثيليتها للسكان المحتجزين بهذه المخيمات.
وهذا المأزق في نظرنا طبيعي لأن كل الأنظمة التي بنيت على فكرة الحزب الوحيد أصبحت تعيش نفس الحال. ومطلبنا موجه إلى الأمم المتحدة من أجل مراعاة النهج الذي سلكه المغرب من أجل الحديث مع كل الأطراف المعنية بشأن مستقبل الصحراء.
والمغرب متشبث بأسس الشرعية الدولية وسيبقى كذلك. ولا حاجة للتذكير بأن بلادنا قدمت في كل حين مقترحات من أجل الدفع بمسار التسوية السلمية للنزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية. ولا ننسى كذلك أن قرارات مجلس الأمن انتقلت من دعوة طرفي النزاع إلى الحوار إلى دعوتهما للحوار بحضور دولتي الجوار.
وتعلمين أن المغرب نهج منذ البداية أسلوب الحوار مع القيادة السياسية للبوليساريو ومع السكان الذين يعيشون في الأقاليم الجنوبية، وهذا الطرح تعزز حين قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كحل سياسي متفاوض بشأنه من أجل حل هذا النزاع.
لذلك فدعوتنا هي أن يتم القطع مع أسلوب المفاوضات مع القيادة السياسية للبوليساريو لوحدها، خصوصا مع تنامي أشكال التعبير عن منازعتها في تمثيلها للسكان. ومهما يكن فهذه القيادة تعود في كل مرة للتهديد بالرجوع إلى حمل السلاح، من أجل فرض منطق الجمود، لأنه بكل بساطة مصلحتها موجودة في استدامة هذا النزاع. فهي متشبثة بطرح الاستفتاء، حتى وهي تدرك جيدا استحالة تنظيمه.

< لماذا في نظركم يستحيل تنظيم الاستفتاء؟
تدرك القيادة السياسية للبوليساريو ومن ورائها الجزائر أن الأمم المتحدة ترعى المفاوضات بين أطراف النزاع من منطلق حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. كما تدرك أن الأمم المتحدة لا تقبل إلا باستفتاء في ﺳﻴاﻕ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎﺕ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﻭﻣﻘﺎﺻﺪﻩ. وعليه فهل نتصور أن تشرف الأمم المتحدة على استفتاء منظم على أساس قبلي عرقي وعنصري.
هل ترضى مثلا الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوازنة بالمنتظم الأممي، وهي دولة بنيت على أساس الهجرة، أن يحرم مواطنون ولدوا بها منذ 37 سنة من حقهم في التصويت على قضايا تهم مستقبلهم.
إن القيادة السياسية للبوليساريو تعي تمام الوعي لماذا تعرقل إحصاء المواطنين المحتجزين من طرف المفوضية العليا للاجئين، كما أنها تعرف أن الاستفتاء لا يمكن أن ينظم إلا على أساس المواطنة. والأهم من ذلك أنها استخلصت العبر من نتائج ﺇﺟـﺮﺍﺀ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ بين ﺃﻓـﺮﺍﺩ الأسر المشتت شملهم، مما جعلها تناور من أجل عرقلة اتخاذ أي تدابير أخرى لبناء الثقة.

< هاجمتم أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة حكومة بنكيران واتهمتموها بالإجهاز على القدرة الشرائية باتخاذها قرارات وصفت بالعشوائية.. لماذا؟
الحكومة الحالية تفتقر إلى وضوح الرؤية، في ظرفية وطنية صعبة، يعاني فيها الاقتصاد الوطني من مخلفات الأزمة العالمية، ومن التحولات المتسارعة في المحيط الجيوستراتيجي. وعوض أن تبحث هذه الحكومة عن صيغ تدبير حيوي لمخلفات انكماش الاقتصاد الوطني وعجز الميزانية، عملت على الزيادة في عدد من الضرائب وتحرير سعر المحروقات، مما أدى إلى انفجار في الأسعار.
ومعلوم أن انكماش الاقتصاد يؤدي إلى ارتفاع البطالة، التي تجاوزت حاجز 10% هذه السنة، كما  أن غياب حوار اجتماعي جاد من طرف الحكومة أصبح يجثم على الطبقة العاملة ويهدد ظروف عملها، وهو ما أدى بالنتيجة إلى تناقص مدخول الأسر في وقت ترتفع فيه الأسعار والضرائب.
والخطير في الأمر أن الحكومة تواجه المطالب الاجتماعية بالتفاف وعدم وضوح، فمثلا اتخذت قرارا برفع المعاشات إلى 1000 درهم في حين أقرنت ذلك بشروط جعلت أكثر من 28 ألف أسرة لازالت تعيش بمعاشات أقل من 500 درهم.
كما أن الحكومة اتخذت قرارا بإعفاء بعض الأسر من رسم السمعي البصري في حدود 10 دراهم في حين أنها اتخذت قرارا برفع سعر الكهرباء قد يصل إلى 50 درهما بالنسبة للأسر التي تستهلك من 100 إلى 200 كيلو..

< ما هي مبادرات حزب جبهة القوى الديمقراطية في سبيل الوقوف إلى جانب المغاربة جراء القرارات المتسرعة للحكومة، خصوصا في ما يتعلق بإصلاح صندوق المقاصة والتقاعد؟
نعتبر في جبهة القوى الديمقراطية أن هناك مواضيع ذات أبعاد مجتمعية تحتاج إلى حوار وطني ومجتمعي جاد ومسؤول. لذلك خلقنا لجانا موضوعاتية لدراستها والعمل من خلالها مع المواطنين، من قبيل ما نحن بصدده في مجالات التقاعد والمقاصة وأراضي الجموع وملف الباعة المتجولين وقطاع النقل…
إن مهمتنا هي الترافع والبحث عن الحلول فجبهة القوى قوة اقتراحية وشريك للعمل الجاد موثوق فيه. نحن نعمل في عدد من الأقاليم على تأطير المواطنين المعنيين بهذه القضايا والتنسيق مع القوى الحية للنضال القاعدي اليومي من أجل إنصاف الشرائح الاجتماعية المتضررة.

< أعلن عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة التي يقودها حزبه العدالة والتنمية من داخل قبة البرلمان، عن مواعيد إجراء الاستحقاقات الانتخابية القادمة في أوقات متفرقة من السنة القادمة 2015، كيف ترون هذا القرار وهل وقع بينكم تشاور كأحزاب بهذا الخصوص؟
نعم لقد تم اجتماع برئاسة الحكومة بحضور وزيري الداخلية تم فيه الإعلان عن هذه الأجندة وعن عدد آخر من التدابير المرتبطة بالانتخابات المقبلة. مع الأسف فإن الحكومة تتعامل مع موضوع الانتخابات خارج السياق الدستوري الجديد.. لقد كنا نتمنى في جبهة القوى الديمقراطية أن تكون هذه الأجندة وهذه التدابير نتيجة للمشاورات مع الأحزاب السياسية.
والحقيقة أن كل الفرقاء يتعاملون مع الدستور والسياق الوطني الذي تم إقراره فيه كلحظة عابرة، فالعلقيات لم تلج بعد العهد الدستوري الجديد، والتعامل الحكومي مع الانتخابات المقبلة لا ينم عن الوعي بأهميتها البالغة والحاسمة في جعلها شأنا مجتمعيا يهم كل المغاربة.
نحن نعتبر أن الانتخابات المقبلة فرصة لإيقاف هدر الزمن الدستوري الجديد ومناسبة للتعبئة الوطنية لاسترجاع الثقة في الشأن العام. لذلك نحن ندعو إلى نقاش وطني يواكب بمجهود للإعلام العمومي وتساهم فيه كل القوى وتطرح فيه كل القضايا من قبيل إعداد الهيأة الناخبة، ونظام اللائحة ووحدة المدينة ويوم التصويت والعتبة والتمثيلية السياسية لأفراد الجالية وغيرها من القضايا المرتبطة بشفافية ونزاهة هذه الانتخابات ورفع نسبة المشاركة فيها.

< ماهو موقفكم من لجوء الحكومة الحالية إلى مزيد من الاقتراض وما الذي يعنيه هذا الوضع الاقتصادي؟
تتعامل الحكومة مع المديونية بنوع من التهور، فهي ترهن بذلك استقلالية القرارالاقتصادي السيادي، وتخلق أجيالا من المديونين. فخدمة الدين العمومي تزيد عن 56 مليار درهم سنويا، ولاداعي للتوضيح بأنها تتم بالعملة الصعبة، نظرا للعودة المفرطة للاستدانة من الخارج.
لقد حطمت هذه الحكومة كل الأرقام في ما يخص الاقتراض، والغريب في الأمر أن هناك جزءا كبيرا منه يوجه نحو الاستهلاك. والخلاصة وبدون الدخول في تفاصيل الأرقام التي أصبح يعرفها الجميع أن الحكومة تجر البلاد إلى الإفلاس، لا قدرالله.. نحن لا نريد لبلادنا أن تكون «اليونان الجديد»، لذلك ننبه وندق ناقوس الخطر من أجل أن لا تستسلم الحكومة للحلول السهلة في مواجهة مشاكل الخزينة.
< لنتحدث قليلا عن الشأن الداخلي لحزبكم.. لقد كان حضور جبهة القوى الديمقراطية قويا في عهد الراحل الخياري، لكن يتضح أنه بعد ذلك تراجع حضور حزبكم بالساحة السياسية، ما السبب في ذلك؟
حضور الجبهة في الساحة السياسية لازال كما كان، فجبهة القوى الديمقراطية تشتغل في الموقع الذي توجد فيه، سواء في الأغلبية أو المعارضة بنفس النهج السياسي وبروح المسؤولية. والنتيجة التي حصلت عليها جبهة القوى الديمقراطية في الانتخابات التشريعية لسنة 2011 هي ترجمة واضحة لأزمة التمثيلية في بلادنا، فالأحزاب التي لها رأي ليس لها تثميلية والأحزاب التي لها تثميلية ينقصها الرأي.
وهذه الوضعية مرتبطة بقوانين جائرة لتنظيم الدعم الموجه للأحزاب واستفادتها من الإعلام العمومي. ورغم كل ذلك فالجبهة في خط تصاعدي منذ المؤتمر الوطني الرابع رغم فقداننا الأخ التهامي الخياري في شهور بعد ذلك.

< بعد وفاة مؤسس الحزب التهامي الخياري، أصبح الحزب يسير بقيادة جماعية وعلى رأسها أنتم المصطفى بنعلي، الأمين العام بالنيابة، لكن بعض قياديي الحزب أصبحوا يشتكون من الإقصاء ويتهمونكم بالانفراد بالتسيير؟
القيادة الجماعية في منظورنا أسلوب في العمل وليست أسلوبا في التنظيم، فالمؤتمر الوطني الرابع أقر نظاما أساسيا واضحا في ما يخص تحديد المسؤوليات. وأنا أتحمل المسؤولية الأولى بقوة القانون، لكني أعمل إلى جانب أخواتي وإخواني بمنطق المسؤولية والأخلاق السياسية للمناضل في جبهة القوى الديمقراطية.
في الأسبوع الماضي عقدنا دورة المجلس الوطني، وهو أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني، وتم التصويت على التقرير السياسي والتنظيمي الذي قدمته بالإجماع، ولا معارض أو ممتنع واحد كان في هذه الدورة، فبالله عليك أين يتم التعبير عن موقف الإقصاء؟ ثم متى بدأ قياديو الأحزاب السياسية المغربية يشتكون من الإقصاء؟

< كيف تنظرون إلى مسألة التحالفات وهل ستبقى جبهة القوى الديمقراطية تشتغل في معزل عن تكتلات الأحزاب السياسية؟
مسألة التحالفات في منظورنا مسألة بالغة الأهمية فنحن لا نؤمن بالتحالفات الظرفية المصلحية، وإذ‮ ‬نجدد التزامنا بتوجهاتنا المبدئية‮ ‬الداعية‮ ‬إلى خلق قطب‮ ‬يساري‮ ‬كبير‮ ‬يجدد ارتباطه بأوسع فئات الشعب،‬ ويستعيد مقاليد المبادرة السياسية في‮ ‬تأطير الجماهير وكفاحاتها الشعبية المشروعة، نؤكد في‮ ‬الوقت ذاته،‮ ‬أن طبيعة المرحلة،‮ ‬ تستوجب على اليسار التوجه نحو بناء تجمع واسع للقوى الديمقراطية الحداثية السياسية والمجتمعية.
نحن نعتبر أن تجمعا من هذا النوع هو القادر على الدفاع عن المكاسب الوطنية الديمقراطية والحداثية،‮ ‬وترسيخها ومواجهة نزوعات النكوص،‮ ‬وتمهيد الطريق لبناء مجتمع تؤطره الديمقراطية والحداثة،‮  ‬وتضمن فيه الحريات الشخصية والجماعية،‮ ‬وتتحقق فيه المساواة بين الرجل والمرأة،‮ ‬وتصان فيه حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا في‮ ‬كل أبعادها‮.‬


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية