أمينة سبيل عضو الأمانة العامة لجبهة القوى الديمقراطية لـ "المنعطف" : "المرأة في العالم القروي تعاني و الوافدات عليه من معلمات و ممرضات و طبيبات تتعرضن للتحرش"

أمينة سبيل عضو الأمانة العامة لجبهة القوى الديمقراطية لـ “المنعطف” :
“المرأة في العالم القروي تعاني و الوافدات عليه من معلمات و ممرضات و طبيبات تتعرضن للتحرش”
حاورتها بشرى عطوشي
مني لكل نساء العالم وردة
و مني لنساء هذا الجبل ماء و حطب
و لأني عانيت معهن شقاء العيش
فألف تحية لهن و دمن و دام لهن كل التقدير و الاحترام
هكذا بدأت الأخت أمينة سبيل عضو الأمانة العامة لحزب جبهة القوى الديمقراطية و معلمة بقرية” آيت مزالط ” ،هكذا و من وجهة نظرها و في اليوم العالمي للمرأة المصادف لثامن مارس ،قررت التعبير عن تقديرها للمرأة القروية خاصة تلك التي تعيش بالجبل .
و ترى أمينة سبيل أن بعد تخرجها و التحاقها بالجبل من أجل التعليم ،اصطدمت بأن الواقع و بأن نضال المرأة و دفاعها عن الحقوق لا بد أن يبدأ من مثل هذه المناطق ،و أشارت في هذا السياق أن التعليم بهذه المنطقة أعطاها الكثير من الصور الواقعية لنساء يكابدن بالفعل .
و اعتبرت أمينة سبيل أن تجربتها و الأقدار التي وضعتها في هذه المنطقة جردتها من أحلامها كامرأة خصوصا و أنها اصطدمت بعدة عراقيل منها وعورة المسالك و برودة الجو و العزلة القاتلة التي تعاني منها المنطقة ،و قالت في هذا السياق “لا مجال للحديث هنا عن شعارات “إدماج المرأة في التنمية و فك العزلة عن العالم القروي ،و الصناديق التي تحدتث عنها الحكومة الحالية بما فيها صندوق التكافل أو التماسك الاجتماعي ” كلها تبدو لي مجرد خطط و كلام في الهواء” و أضافت أمينة سبيل “بالكاد نرى بعض التلاميذ الذين يكملون يومهم بعد الدراسة بالرعي و السخرة و بالتالي فالمرأة هنا أكثر من يدفع ثمن هذا التهميش و “الفتاة المتمدرسة أيضا لها نصيب من هذا عناء”.
في حوار حاولنا فيه في اليوم العالمي للمرأة أن نكشف ضمنه واقع نساء ينتقلن من الحاضرة نحو القرى و الجبال لأداء وظيفتهن كمعلمات و ممرضات و طبيبات و غيرهن ،نساء فضلن الصبر و مقاسمة عناء الحياة مع أخواتهن القرويات .
- كمعلمة التحقت بالجبل كيف تعيشين التجربة كامرأة تطمح للحصول على مزيد من الحقوق ؟
أصدقك القول و كون أنني دخلت عالم النضال و أنا فتاة و من واقع ما عانته المرأة للحصول على بعض الحقوق و لتحقيق ذاتها من خلال بعض المكتسبات ،أرى اليوم بأن المرأة لم تصل بعد لما تصبو إليه ،خصوصا و أن الحكومة الحالية أقبرت حتى تلك النضالات السابقة لنساء ضحين بالغالي و النفيس من أجل كرامتهن و المساواة .
عندما التحقت بعملي كمعلمة بجبل بمنطقة “آيت مزالط” اصطدمت بواقع آخر ،واقع العزلة و التهميش الذي يزيد من معاناة تلك المرأة القروية من جهة و المرأة الوافدة على القرية من الحاضرة في إطار وظيفة هناك . و تزيد معاناتي حين أجد نفسي غير قادرة على الالتزام “السياسي” في حزبي ،هذه المعاناة يدكيها بعد المنطقة “آيت مزالط ” عن مدينة أزيلال أو دمنات بسبب مسؤولياتي الحزبية و ما تفرضه علي من مهام و اجتماعات و لقاءات و يزيد من هذه القساوة وعورة المسالك و الثلوج التي تتركنا بالفعل في عزلة تامة و تحرمنا من شبكات التغطية الهاتفية و تحرمنا من التواصل أيضا .
فالمرأة القروية تعاني بهذه المنطقة لأنها لا تجد العيش الكريم بحيث هي غير متعلمة و تشتغل بالحقل و تربي الأبناء و تسقي الماء و تجمع الحطب ،أما بالنسبة لها إن مرضت أو كانت على وشك الولادة فإن معاناتها تكبر بكثير خصوصا في فصل الشتاء حيث الثلوج تعزل المنطقة عن المناطق الأخرى و تصبح المسالك وعرة أكثر بكثير و في غياب مستشفى أو مركز صحي يتوفر على كل إمكانيات الولادة السليمة أمام غياب الأطر الصحية أو الأدوية اللازمة ما يؤدي أحيانا إلى وفاة الأم أو الجنين أو هما معا .هذا من جانب ،من جانب آخر فالمرأة في القرية لا تجد الماء الذي يعتبر وسيلة للنظافة و الاستعمال اليومي في مطبخها و في بيتها ،و هذا الأمر يدفعها هو أيضا للخروج للبحث عن هذه المادة ،و أحيانا تكون مطالبة أيضا بإحضار الحطب لتدفئة أبنائها و بيتها في ظل جو جد قارس بسبب تساقط الثلوج بغزارة في هذه المناطق .
كما أن الفتاة أو الطفلة ناذرا ما يتم دمجها في الدراسة ،فهي في كل الأحوال لن تتابع دراستها الإعدادية و الثانوية بالمدينة لأن الآباء يرفضون ذلك كون أنها فتاة أو أن بعض الأسر لقصر ذات يدها لا تجد الوسائل لتتابع ابنتهم الدراسة .
و من جهة تجربتي كمعلمة امرأة في منطقة نائية و جبلية و قروية و بعيدا عن أسرتي و زوج، و عن صديقاتي في النضال و العمل الاجتماعي ، فالوضع أكثر قساوة أيضا ،تعلمين متى أشعر بالسعادة ؟ في الوقت الذي أتلقى فيه من تلامذتي إجابة صحيحة على سؤال أطرحه أو عندما أجد أحدهم أنجز تمرينه أو واجبه , فمعاناتي لا تقل عن معاناة النساء القرويات ،إلا أن هناك شيء آخر ينضاف إلى هذه المعاناة و يعتبر أكثر قساوة “التحرش” فالمرأة الوافدة على المنطقة لا بد و أن تتعرض للتحرش و لا بد و أن تتعرض للتهديد و هو الأمر الذي يؤكد بالفعل أن المرأة في المجتمع المغربي ليست في نظر الرجل إلا مجرد بضاعة و متاع .
- الدستور الحالي كفل حق المرأة في العيش الكريم في ظل المساواة و المناصفة ما رأيك؟
كنا جد سعداء بما جاء به الدستور و كان أملنا كبير أن تتحقق هذه المناصفة و هذه المساواة التي ذكرت ،إلا أننا اصطدمنا بحقيقة حكومة بعيدة كل البعد عن التطبيق السليم لمضامين هذا الدستور ،و كانت الصدمة كبيرة حين تم تعيين وزيرة واحدة في النسخة الأولى من الحكومة و في النسخة الثانية كنا نطمح لعدد أكثر من الوزيرات المعينات و أن تعطى لهن حقائب أكثر أهمية من المسنودة لديهن الآن . كنا نطمح مع دستور 2011 أن يتغير الوضع و يبدو أن هذا جاء مع الحكومة غير المناسبة لإنزال مضامينه إنزالا سليما .
- إلى ما ذا تطمحين كامرأة في اليوم العالمي للمرأة ؟
طبعا مع الحكومة الحالية نطمح حاليا إلى أن تعزز تلك المكتسبات و أن تنهض النساء و الحركة النسائية ككل من أجل تحقيق ما نصبو إليه جميعا “تحقيق المناصفة” الحق الذي كفله لنا الدستور الحالي و لن نقبل بكل الممارسات المحقرة للمرأة ، حكومة بنكيران تسعى لقبر ما ناضلنا من أجله و لكننا مصرات على أن نحقق المساواة و الكرامة للمرأة نطمح أن نغير الشعارات الرنانة التي تعلنها الحكومة إلى فعل و ليس مجرد شعارات و خطط .
لنعد قليلا للوراء، ناضلنا من أجل خطة لإدماج المرأة في التنمية و ناضلنا إلى أن جاءت مدونة الأسرة إلى حيز الوجود وسنناضل من أجل إنصاف المرأة و رفع الحيف عليها من خلال وضع قوانين في صالحها تنبذ العنف و التحرش و التعذيب .طبعا هكذا تربينا في حزب جبهة القوى الديمقراطية ،فقد كان الفقيد الأخ التهامي الخياري ،يعتز بالمرأة في حزبه و كان كلما حضر لقاءاتنا النسوية كلما رفع كلمته بالفخر بالمرأة التي تؤسس للديمقراطية ،و لم يتوان أبدا في تقديم النصيحة للنساء في كل الأوقات و في كل الأمكنة ،عودنا على تقديم المرأة على الرجل في كل اللقاءات و علمنا أن نكون على قدم المساواة داخل الحزب .و هذا نهجنا و هذه سيرتنا سنقتفي أثره حتى بعد فقداننا له رحمه الله.