قانون مالية 2018 ..الخاسرون والرابحون
بشرى عطوشي
جاء قانون مالية 2018، في وقت يعرف فيه المغرب أزمة تدبير الملفات الاجتماعية الكبرى، وأزمة فراغ حكومي، وغياب نموذج تنموي، ولم يختلف المشروع عن باقي القوانين المالية الأخرى السابقة، بحيث يتميز بتمديد عمر” إعناء الغني وإفقار الفقير”، من خلال تحسين شروط الاستغلال واقتصاد الريع مقابل التضييق المستمر على القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة، و”المتوسطة” إن مازالت حاضرة، وخوصصة الخدمات العمومية.
ومع تمرير القانون، أمام مناقشة كانت باهتة، كان للأغلبية وأرباب المقاولات فيها كل الكلمة، تبين أن النص هو من صنع اتحاد مقاولات المغرب، ولا مكان فيه للقطاعات الاجتماعية.
ويبدو مما سبق أن أكبر مستفيد من ميزانية 2018 هم رجال الأعمال، فقد قام هؤلاء في غشت الماضي بالتحرك من أجل تطبيق إصلاح ضريبي تراجعي جديد خاص بالضريبة على الشركات، من خلال إقناعها للحكومة ب”وهم” دعم الاستثمار”، لتجد بالمقابل دعما غير مشروط.
ولذلك كانت الحكومة عند حسن ظن رجال الأعمال، من خلال تقديمها لمشروع قانون مالي حافل بالهدايا الضريبية، وجعلت من اتخاذ حزمة من الإجراءات الضريبية لتحفيز الاستثمار، أولوية أساسية لمشروع قانون المالية 2018، بناء على ذلك تم اعتماد سلم الضريبة باعتماد 10 في المائة إذا كانت الأرباح أقل من 300 ألف درهم، و20 في المائة إذا كانت الأرباح ما بين 300 ألف إلى مليون درهم، و31 في المائة عندما تفوق الأرباح مليون درهما.
من خلال هذا السلم الجديد ستستمر الشركات في التملص من أداء الضريبة والإعلان عن الخسائر وبالتالي سيبقى 2 في مائة من الشركات هم من يسددون هذه الضريبة.
فاعتماد التدابير الموجهة لتحفيز الاستثمار الخاص، حسب قول الحكومة يهدف، بالأساس، إلى إعادة الثقة للمستثمرين وتشجيع المقاولات على خلق فرص الشغل للشباب، ليس إلا مجرد در للرماد في العيون، فالاستثمار العمومي لا يخلق مناصب شغل ذات جودة. بالإضافة إلى أن القطاع الخاص لا يستثمر ولا يشغل ورغم ذلك يستمر في تلقي الإعفاءات والهدايا الضريبية. وهذا هو خطاب حكومة العثماني على غرار خطاب سالفتها التي كان يرأسها عبد الإلاه بنكيران.
استطاع فريق رجال الأعمال بمجلس المستشارين (4 مستشارين) من إدخال تعديلات مختلفة على النسخة المحالة من طرف مجلس النواب. من بين التعديلات التي مررها هذا الفريق هي إعفاء بنسبة 80 في المائة من نتائج الصناديق الاستثمارية في مجال العقار وكذا اعتماد ضريبة على الدخل تفضيلية لصالح أجراء الشركات التي تتواجد بالقطب المالي لمدينة الدار البيضاء بنسبة 20 في مائة. إجراء صالح لمدة 10 عوض 5 سنوات، كما كان مسبقا. هذه التعديلات كان ثمرة عمل نشيط للفريق النيابي للاتحاد العام لمقاولات المغرب، في الوقت التي ظلت الفرق النيابية للنقابات تنتظر قبول تعديلاتها.
وخلاصة القول القطاعات الاجتماعية، وبعد المصادقة على مشروع قانون مالية 2018، تخسر مجددا المعركة.
Source: almounaataf