
عبد الرحيم بنشريف.
انتخب بالإجماع، الأخوين إدريس القسمي، رئيسا للمجلس الوطني لجبهة القوى الديمقراطية، وعمر الحسني نائبا له، في أعقاب أشغال أولى دوراته، المنعقدة يومه السبت28أكتوبر، بالرباط، وصادق المجلس، إثر ذلك على لائحة أعضاء الأمانة العامة، بالأغلبية الساحقة، كما صادق، وبالإجماع، على ملاءمة مشروع النظام الداخلي، مع النظام الساسي، إيذانا بذلك، على استكمال تجديد هيكلة الحزب، وفق مقررات مؤتمره الوطني الخامس.
وفي عرضه السياسي، لهذه الدورة، المنعقدة تحت شعار “حزب جاد ومجدد، في خدمة الفعل السياسي التنموي”، جدد الأمين العام، الأخ المصطفى بنعلي، التذكير بالمكانة، التي أولاها الحزب، لقضية وحدتنا الترابية، على امتداد 20سنة، ما جعلها تنصهر في صلب التراث والفكر السياسيين لجبهة القوى الديمقراطية، موضحا، أن الحزب قاربها كقضية مركزية ترتبط عضويا بقضايا النضال الجاد، من أجل البناء الديمقراطي.
واستحضر في السياق ذاته، آخر تطورات دعوة كطالونيا للانفصال وكيف هب جيران إسبانيا الأوروبيون، للمطالبة بالحفاظ على وحدتها، متأسفا للسعي المرير للجارة الشقيقة الجزائر، للنيل من وحدة المغرب، آخرها الخرجة الطائشة لوزير خارجيتها، التي عبرت بالملموس، عن إفلاس سياتها تجاه المغرب.
وأوضح الأخ بنعلي، أن تحقيق النموذج التنموي لا يمكن بناؤه اليوم إلا في فضاء التعاون، مستغربا إصرار حكام الجارة الشرقية على تبني الفكر المتجاوز، والذي يؤمن بقوة الدولة في إضعاف جوارها.
وذكر هنا بكون الجبهة جعلت من القضية الوطنية نبراسا ومنارة لعملها السياسي والنضالي، وجب استلهام عبرها لرسم مهام العمل السياسي، والتوجه إلى النضال التنموي، مضيفا أن طبيعة المرحلة تستدعي بناء نموذج تنموي جديد تلعب فيه الأحزاب السياسية دورا أساسا، محوره الأول تنمية الإنسان المغربي، وبما يعني أن دور السياسة اليوم، يرتبط بمصير البلاد.
وارتباطا بسياق المرحلة التي تنعقد فيها هذه الدورة، أكد الأمين العام، أن النموذج التنموي الذي ينشده الحزب، يقوم على تثمين العنصر البشري والاستثمار في هذه الثروة الوطنية اللا مادية، طالما أن الأحزاب، لم تعد قادرة على تأطير المواطن، ومن ثمة فشل السياسات العمومية في تلبية حاجات وأولوياته الملحة
كما ذكر بأن الحزب ووعيا منه بالسياق الوطني العام، الذي تطبعه اختلالات عميقة، كان سباقا إلى التنبيه، خلال مؤتمره الوطني الأخير، إلى ضرورة الإصلاح السياسي الشامل، وعلى جميع المستويات، مردفا أن الجبهة مرتاحة الآن، بالشحنة الفكرية التي أفرزها المؤتمر، بعدما أكدت الخطب الملكية الأخيرة فقدان الثقة في النخبة السياسية والإدارية، وفشل النموذج التنموي المغربي.
وأضاف أن جبهة القوى الديمقراطية قدمت عرضا سياسيا وتصورا متكاملا، لمداخل الإصلاح السياسي، الذي من شأنه أن يعيد الروح للمؤسسات الدستورية، ببرلمان، أقرب إلى تمثيل السيادة الشعبية، وحكومة سياسية فعالة، بما يتطلبه بناؤها، من إصلاح للمنظومتين الانتخابية والحزبية، وإصلاح الاعلام العمومي، وإعداد الرأي العام الوطني، لضمان انتخابات يجري فيها التنافس، على أساس البرامج والمشاريع المجتمعية.
وعزا الأخ بنعلي فشل النموذج الحزبي المغربي، مباشرة بعد دستور2011، وهذر ولاية تشريعية كاملة، لافتقاد المرحلة لفاعل سياسي، في مستوى التغيير، الذي حملته مضامين الدستور الجديد، مؤكدا في هذا الصدد، أن فشل النموذج الحزبي الملائم لمغرب ما بعد 2011، يسائل الجميع.
كما أشار إلى ان الزلزال السياسي في الخطاب الملكي الأخير، والتدابير التي أعقبته، يؤشران على انطلاق مرحلة مناخ عام تربط فيه المسؤولية بالمحاسبة، تشكل نقلة نوعية في اتجاه تفعيل الدستور، خصوصا فيما يرتبط بقيمه وبعده الديمقراطي.
وأضاف أن نموذج أحزاب القرن 21، هو القادر على خلق التنمية، ولديه مشاريع وأفكار تنموية، وفهم وظائفه في هذا السياق، باعتبار أن الأحزاب السياسية اليوم هي شريكة في الحكم والسلطة، بإرادة مشتركة بين الملك والأحزاب، مبرزا حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق المجلس الوطني للحزب لإنجاز مهامه الكبرى.
وعن المهام الملقاة على عاتق جبهة القوى الديمقراطية، في هذه المرحلة، أكد الأخ بنعلي، حرص الحزب على تقديم روية واضحة، وتوفره على كل المقومات ليكون حزبا طلائعيا، يراهن على بناء الذات على امتداد أربع سنوات سانحة، مذكرا كافة مناضلاته ومناضليه، بجسامة المسؤولية السياسية والجماعية لبناء حزب يقطع مع ظهير 58، ويتمثل مهام وروح دستور 2011،
ولخص الأخ بنعلي التوجهات الكبرى للجبهة للمرحلة القادمة، فضلا عما سبق، في الانكباب على ورش إعلام الحزب، الذي يستدعي مقاربة تضعه في سياق تحديات المرحلة، وعلى توسيع إطارات الحزب وتنظيماته، لتكون الجبهة قوة فاعلة، في المجتمع، والتوجه للاستثمار في العنصر البشري، خاصة فئات الشباب.
ولم يفت الأخ بنعلي التذكير بمواصلة الحزب مبادراته، في تحقيق الوحدة الاندماجية، مع باقي الفرقاء، بما يجعله في طليعة الأحزاب، التي تعمل في اتجاه تحقيق التوافق السياسي، منهيا عرضه بكون الحزب كان في الطليعة لما قرر في مؤتمره الخامس بناء مشروع فكري ذي بعد إنساني، يهتم بالإنسان ويستثمر فيه.
الدورة، التي ترأس أشغالها الأخ إدريس القسمي وقرر لها الأخ لحسن كردوس، سجلت نقاشا جادا ومسؤولا، نوه بجودة العرض السياسي، للأمين العام، وقدمت إضافات، هامة، تعكس مستوى المشاركة الواسعة لأعضاء المجلس عبر ربوع المملكة، وترجمة لمختلف الهموم والانشغالات المطروحة على صعيد كل جهة ومنطقة وإقليم.