عيب..أن يظل اقتصادنا تحت رحمة السماء
عبدالنبي مصلوحي
كل الغيورين من شباب الشعب المغربي على هذا الوطن الجميل، يجمعهم التطلع والحلم بغد أفضل، يغمر فيه الجميع الإحساس بالكرامة والعدالة الاجتماعية، غد لا يكون فيه لليأس وجود بين الناس، غد يشعر فيه الجميع بحسن المعاملة من طرف المرافق العمومية الموجودة أصلا لتكون رهن إشارة حاجيات الشعب.
لكن ما يعرفه واقع الحال لا يساعد على بناء هذه الأحلام، فالاختلالات ومظاهر الحزن والاستياء بين كل الشباب، خاصة المتحدر من قلاع الفقر تخبر أن القادم لن يكون غير مثل هذا الحاضر، الآفاق ستظل على حالها، سيظل العاطلون قبالة البرلمان يصدحون بحناجرهم التي تصارع الشيخوخة من أجل فضح الآذان التي تتظاهر بعدم سماعها، وستظل قوارب الموت تسافر بشباب يائس عبر المتوسط نحو المجهول، وستستمر النساء الفقيرات شمال المملكة يغامرن بحمل سلع “الاسبان” من سبتة ومليلية لإعادة بيعها داخل الحدود من أجل أن يأكلن، رغم الإذلال والمهانة اليومية التي يتعرضن إليها، وقد شاهدنا وشاهد معنا العالم فيديوهات تؤرخ للموت تحت الأقدام قبل أشهر قليلة.
البلاد تسير نحو منحدرات فظيعة في مجالات كثيرة، التعليم، الصحة، الشغل…الخطاب السياسي لم يعد له من معنى في ظل الخواء والجعجعة التي ترافقه دون طحين، الفساد الذي يدعى الجميع محاربته أصبح بنيويا.
كل المشاريع التي تخرج من بيت الحكومات لا تغير من الواقع أي شيء، الفقير لا يزداد إلا فقرا والشباب وعامة الفئات الفقيرة إلا يأسا وقنوطا.
محاولات التزيين السطحي التي تخصصت فيها المؤسسة الحكومية لم تعد قادرة الاستمرار في إخفاء هذا الواقع الأليم.
أعطاب كثيرة تنخر الجسم المغربي، سلبيات بالجملة في التدبير، بسبب الارتجال وغياب التخطيط المبني على الاستراتيجيات المنظمة والمحكمة، والمبني كذلك على الحاجيات الحقيقية للشعب، الكثير من المشاريع فضحت هذا المنحى في السياسات العمومية، فضحت الفجوات الكبرى بين التفكير الحكومي وحاجيات الشعب، كمشروع القطار الفائق السرعة، يقول الاقتصاديون أن ميزانيته تكفي لبناء آلاف المدارس العمومية في العالم القروي لتعليم أبناء المغاربة في ظروف مقبولة، ومئات المستشفيات لعلاج فقراء البلاد، وشق مئات من الكيلومترات من الطرق لفك العزلة عن كثير من الدواوير والقرى التي ما أن يحل فصل الشتاء حتى تُعزل عن العالم وعن مراكز التبضع، فتضيع هي وماشيتها التي تعد مصدرها الأوحد للرزق.
فأيهما أفضل للمغاربة، هذه المشاريع الاجتماعية التي بسبب غيابها تقول عنا الدراسات أننا أضعف من أوروبا خمس مرات، أم “التي جي في”.
إننا وبعد عقود من الاستقلال، عيب أن يظل قوت الشعب المغربي رهينا بالسماء..ستون سنة من الاستقلال، يفترض أن نبني خلالها اقتصادا مستقلا عما تجود به السماء على غرار الكثير من الدول التي تشبهنا….عار على حكوماتنا أن يظل هذا الشعب المغربي المسكين يرفع يده إلى السماء لطلب المطر حتى لا يجوع…هذا اكبر دليل على فشل النموذج والتفكير الاقتصادي الذي تتبعه حكوماتنا.
Source: almounaataf