البيان العام الصادر عن المؤتمر الوطني الخامس لجبهة القوى الديمقراطية.

شتنبر 12, 2017
banner-final.jpg

إن المؤتمر الوطني الخامس لجبهة القوى الديمقراطية، الملتئم بالرباط، يومي 25 و26 يوليوز 2017، تحت شعار” التماسك الاجتماعي ومحو الفوارق.. مستقبلنا المشترك”، وبعد تدارسة لمشاريع الوثائق المعروضة عليه، والمصادقة عليها؛
وبعد تلمسه للإرادة المعلنة والمشتركة للمؤتمرات والمؤتمرين في أن يحقق الحزب، من خلال هذه المحطة، نقلة نوعية في بناء مشروعه النضالي، عبر بناء فكر سياسي إنساني، يعيد النظر، بشكل نقدي، في المسلمات واليقينيات الفكرية والأيديولوجية، بما يجعل كل الأشكال التنظيمية، إطارات لتنظيم عمل الإنسان الخلاق، بدلا من جعلها إطارات للانعزال، والانغلاق، والشقاق؛
وبعد وقوفه، بالدراسة والتحليل، عند ما يشهده العالم من تململ نحو الخروج من الأحادية القطبية، التي ترسخت منذ انهيار المعسكر الشرقي، إلى عالم متعدد الأقطاب. وذلك بعدما برزت أقطاب سياسية واقتصادية جديدة مؤثرة في آسيا وأمريكا اللاتينية، بما من شأنه إحداث توازن عالمي استراتيجي، يعيد النظر في طريقة معالجة الخلافات الدولية، ويعيد الاعتبار لقضايا البيئة، والسلم، والعدالة الاجتماعية والمجالية؛
وبعد تقييمه لما عاشته البلاد منذ المؤتمر الوطني الرابع من أحداث، في سياق محيطها الإقليمي، في ارتباط مع ما سمي ب الربيع العربي، والذي مازالت المنطقة والعالم باسره، يعيش على مخلفاته من الدمار والاقتتال والتطاحن العرقي والمذهبي، وما أفضى إليه من مزيد من التخلف والقهر والمآسي الإنسانية، وفي مقدمتها مآسي اللاجئين والمهاجرين. وذلك بعد الفشل الذريع، الذي سجلته القوى الاستراتيجية، في بناء ورعاية مشاريع مجتمعية نكوصية وارتدادية؛
وبعد تتبعه لمسار انحدار العمل السياسي بالبلاد، نتيجة لما يراه الجميع من ضبابية في الممارسة السياسية، أضحت اليوم تشكل تهديدا واضحا لمصداقية الفعل السياسي والحزبي الجادين، وتبعد الناس عن السياسة وعن الشأن العام، بما يفقد العمل المنظم جدواه، ويجر المؤسسات إلى ممارسات الحضيضوذلك في تطور معاكس للمجرى العام الذي كان من المفروض ان يؤدي إليه التعاطي الإيجابي مع الحراك الشعبي الذي شهده الشارع المغربي، انطلاقا من دينامية المجتمع المغربي الداخلية، وتراكم نضالات قواه الحية، وفي تناغم مع الخطاب الملكي لتاسع مارس بروحه الإصلاحية والاستباقية والإبداعية؛
وبعد تلمسه لما تعيشه البلاد على إيقاع الانتظارات القوية التي تهم إعمال وتفعيل مقتضيات الدستور الجديد، وتأويله تأويلا ديمقراطيا، بما هو الدستور الذي علقت عليه كل القوى الديمقراطية آمالا عريضة في تسريع وتيرة الانتقال الديمقراطي، الذي طال أكثر من اللازم، بفعل تأجيل حلقاته ومهامه، خصوصا في ظل الانتخابات التي جرت في كنفه، وما أفضت إليه من مؤسسات، تعمل وفق أجندات بعيدة عن تطلعات عموم الديمقراطيين، وعن اهتمامات ومشاكل المواطنين؛
وبعد وقوفه عند اختلالات تدخل الدولة في المجال الاقتصادي المؤدي إلى ضعف الإنتاج الوطني وركود الناتج الداخلي، بما لذلك من تبعات اجتماعية خطيرة، تزيد من حجم الشروخ الاجتماعية، ومن تكريس التهميش الفئوي والمجالي، وتنتج المزيد من الأحزمة التي يتفشي فيها الفقر، وتنتشر فيها الهشاشة، والجهل، والبؤس، في ظل تهرب الدولة من أدوارها الطبيعية، المرتبطة بتعزيز أسس التماسك الاجتماعي، عبر محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية، بإعادة توزيع الدخل، وتحقيق التضامن، والاضطلاع بالخدمات الأساسية؛
وبعد قيامه بتقييم تجربة وأداء جبهة القوى الديمقراطية، كفصيل تقدمي ربط تأسيسه ووجوده بتبني مشروع سياسي يروم الإسهام، في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي. وبضرورة الاجتهاد من أجل استيعاب معطيات الوضع الجديد ومتغيراته، وإغناء وتجديد منظورها وتصوراتها، في رسم معالم الطريق لمواصلة وتعزيز فعلها السياسي من أجل تحقيق اختياراتها؛
فإنه يؤكد ما يلي:
 

  • أن الوضع العام بالبلاد يؤشر على ضرورة الإصلاح السياسي والمؤسساتي، وذلك عبر مقاربة تشاركية، تؤطر حوارا وطنيا مع كل الفاعلين والمعنيين، لبناء تصور إصلاح مؤسساتي يشمل مهام الحكومة والبرلمان، وإصلاح المنظومة الانتخابية والحزبية، وهو المطلب الذي يتقدم به المؤتمر في تلائم مع مطلب الحزب الملح بضرورة فتح حوار وطني شامل حول القضايا الكبرى التي ينص عليها الدستور الجديد، والتي يرتبط بها مصير المجتمع من قبيل الأمازيغية والمناصفة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

 

  • أن الاقتراع التشريعي الأخير، لم تعكس نتائجه المعلنة الوزن السياسي والشعبي لجبهة القوى الديمقراطية، ولم يفض من الناحية السياسية والمؤسساتية إلى النتائج المتوخاة لبلورة القيم الديمقراطية الحداثية التي تؤطر دستور فاتح يوليوز وتفتح الأبواب مشرعة أمام استكمال بناء الدولة العصرية، وإشاعة القيم الكونية للعصر، قيم الحريات وحقوق الإنسان، وقيم الحداثة والانفتاح، بل بالعكس من ذلك كشف عن الأزمة السياسية والمؤسساتية العميقة، التي لا تعد أزمة تشكيل الأغلبية الحكومية إلا الجزء الظاهر منها.
  • أن الضعف الهيكلي للاقتصاد المغربي، وصعوبة الظرفية الاقتصادية والمالية بالنسبة للدولة تقتضي إعادة النظر في الاختيارات السائدة، في أفق وضع تصور جديد لوظائف الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، ومحاربة اقتصاد الريع والامتيازات والمضاربة بكل أشكالها، لأن هذا النوع من الاقتصاد يقتل المبادرة ويكدس الثروة في أيدي من لا يساهمون في إنتاجها، كما أنه اقتصاد لا يخلق فرص الشغل، ولا يعتمد على الإمكانيات الذاتية لتأمين إنتاج الثروة، الكفيل بامتصاص البطالة والتقليص من مستويات الفقر والهشاشة.
  • أن المرحلة السياسية الجديدة تضع جبهة القوى الديمقراطية على عتبة مرحلة جديدة في تاريخها. تجد فيها نفسها أمام أوراش عمل كبرى، سواء على المستوى السياسي العام، بمواصلة جهودها ومبادراتها للإسهام في بلورة مشروع توحيد قوى اليسار والتقدم. أو على المستوى التنظيمي الداخلي، بشحذ الأدوات التنظيمية وتعزيز صفوفها، وتجديد وتطوير آليات اشتغالها، قيادة وقاعدة. أو على المستوى التأطيري الجماهيري، بتكثيف وتوسيع العمل اليومي المجاور للمواطنين، مع تنويع أدوات التأطير والتنظيم، وتكييف أساليب العمل حسب حاجيات المواطنين وانتظاراتهم.

ويطالب المؤتمر ب:

  • اعتبار الثقافة ضرورة فاعلة لتشكيل الوعي الحداثي الديمقراطي وأصلا مركزيا لتأهيل العنصر البشري وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على صيانة قيم الشخصية والهوية المغربية وإثرائها عن طريق التفاعل الايجابي مع قيم الحضارة العالمية، وقيم الحداثة القائمة على الحرية، المسؤولية، والتضامن، المساواة بين الجنسين، والتسامح، واحترام الآخر.

 

  • اعتبار الفكر النقدي والتنويري ضرورة استراتيجية ملحة، لمواجهة مظاهر الدفع نحو الرجوع بمجتمعنا إلى عصور الانحطاط، والركود، والانغلاق، وقمع الخيال، والإبداع. وذلك عبر مهام سياسية وفكرية تتغيي التصدي لتوظيف الدين في الحقل السياسي، وتعزيز أسس تدبير عقلاني مؤسساتي للحقل الديني، قادر على مواجهة الإرهاب، ودحض الخطاب الدعوي السائد، المنتج للتزمت والانغلاق.
  • مواجهة مظاهر التراجع في وضعية حقوق الإنسان، بعد التقدم الذي عرفته في ظل تجربة العدالة الانتقالية، بما يتطلبه ذلك من نضال سياسي من أجل الكشف عن الحقيقة في الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقضايا ذات الصلة بجبر الضرر والتسوية العادلة والمنصفة للضحايا وشهداء الحركة الديمقراطية المغربية ومناضليها، وكذا الآليات القانونية والسياسية الكفيلة بالحيلولة دون تكرار ما جرى.
  • دمقرطة وسائل الإعلام العمومية، واستكمال تحرير الفضاء السمعي البصري اعتبارا لدور الإعلام في سيرورة إرساء قواعد الديمقراطية، من حيث كونه رديفا للتنمية وأداة أساسية للإسهام في نشر ثقافة حقوق الانسان والتحلي بالمسؤولية و تعبئة القوى الاجتماعية.
  • الاهتمام بمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية للإنسان المغربي، وفي مقدمتها البيئة باعتبارها عنصرا أساسيا في التنـمية المستـديمة بما يتطلبه هذا العمل من تضافر جهود جميع القوى الحية بالبلد و من تثمين العمل البيئي المشترك بين كل المتدخلين وذلك باعتبار البيئة كمورد و كرأس مال يجب المحافظة عليهما وكوسيلة للرفاهية وكقاعدة للبناء المعياري.

كما يسجل المؤتمر الوطني الخامس المواقف المبدئية لجبهة القوى الديمقراطية في ما يتعلق بعملها من أجل:

  • صيانة الوحدة الترابية للمملكة، عبر الوصول إلى حل سياسي نهائي متفاوض بشأنه لقضية الأقاليم الصحراوية، حل يمكن سكان هذه الأقاليم من التدبير الواسع لشؤونهم في إطار السيادة الوطنية؛ بما يتطلبه ذلك من تعزيز الجبهة الداخلية واستحضار أهمية وثقل الإجماع الوطني في معركة صيانة الوحدة الترابية وترسيخ مسار البناء الديمقراطي وتوسيع التدبير الجهوي.

 

  • تنشيط العمل الدبلوماسي المناضل المؤمن بشرعية وعدالة قضية المدينتين المغربيتين السليبتين سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، التي تتطلع جبهة القوى الديمقراطية بشأنها إلى أن تقطع الجارة اسبانيا مع منطق السياسة الاستعمارية البائدة بالبحث عن صيغ جديدة للتداول والتفكير المشترك  حول سبل عودة هاته الثغور المحتلة إلى حضن الوطن الأم.
  • دعم الخطى الحثيثة والعملاقة، التي تقوم بها الدبلوماسية الملكية، في مجال تسريع التعاون الاقتصادي، وتمتين العلاقات السياسية، بين المغرب وباقي البلدان الإفريقية. وهي الدبلوماسية التي استعادت الموقع الطبيعي للمغرب مؤسسيا في أسرته الافريقية، وخلقت ديناميكية غير مسبوقة لإعادة بناء العلاقات المغربية الإفريقية وفق منطق التعاون جنوب جنوب.
  • بناء الاتحاد المغاربي كخيار استراتيجي، يمثل اليوم أكثر من أي وقت مضى، ضرورة ملحة من أجل توفير شروط الاندماج الناجع لدول المغرب الكبير في المحيط الأورومتوسطي، تأهيلا للمنطقة المغاربية لمواجهة تحديات العولمة، وما تستلزمه من بناء تشاركي، واندماج اقتصادي للحاق بركب التنمية والتقدم، وفي أفق تصور عام يوازن بين العمق الافريقي للمغرب وانفتاحه الاستراتيجي على الفضاء الأوروبي، الذي حقق المغرب نتائج مهمة على طريق الشراكة والتعاون معه.
  • مساندة الشعب الفلسطيني الشقيق، في نضاله من أجل حقوقه الوطنية المشروعة، وإدانة السياسة العدوانية والاستيطانية الإسرائيلية، كإحدى المهام السياسية التي توليها الجبهة بالغ الاهتمام و العناية، وذلك في ظل العزم الأكيد لجبهة القوى الديمقراطية للعمل جنبا إلى جنب مع كل قوى التقدم والتحرر من أجل الدفاع عن القضايا العادلة، و قضايا الحرية، والديمقراطية، والأمن، والسلام .

وحرر بالرباط يوم 26 يوليوز 2017.


حزب جبهة القوى الديمقراطية


حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير




الإشتراك


اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية