يستضيف هذا الركن من فضاء جريدة المنعطف أطرا و فعاليات، تتنوع أوجه اهتماماتها الفكرية، وتتعدد مجالات اختصاصاتها، في حوار شفاف وهادف، يلامس جملة من القضايا والمواضيع الملحة على الساحة الوطنية سياسية، اقتصادية، اجتماعية وتربوية، لخلق جسور تواصل مباشر مع القارئ والمتتبع. و سنركز على محاور محددة، تستأثر باهتمام عامة أبناء هذا الوطن العزيز.
ضيف اليوم، الجمعوي والحقوقي، الباحث في أراضي الجموع ،عضو اللجنة الموضوعاتية المهتمة بدراسة ملف أراضي الجموع، نرحب بالأخ محمد فاريح،
ســـــــــؤال:
تطالعنا وسائل الإعلام بين الفينة والأخرىبأخبار عن أحداث دامية، واضطرابات أمنية خطيرة تتصارع فيها قبائل، أو فخدات داخل القبيلة الواحدة، يكون أصل المشكل نزاع حول الأحقية في الانتفاع من أراضي الجموع والأراضي السلالية.كيف تقربون القارئ من طبيعة هذا الملف؟
جـــــــــواب:
يشكل ملف أراضي الجموع قنبلة موقوتة، قابلة للانفجار في أية لحظة، فلا يمر أسبوع في المغرب دون أن نسجل شكلا احتجاجيا مرتبطا بهذا الملف، وهو ملف يطرح مسألتي الهوية والإنتماء. انه معضلة عانت وتعاني منها مجتمعات عديدة، لانطوائه على عقلية تقليدية تنزع نحو تهديد الكيانات، والتمييز بين مواطني البلد الواحد.
و بالنسبة للمغرب نلاحظ أن وسائل الإعلام تطالعنا كل أسبوع، بأحداث دامية، بين أفراد جماعات وقبائل، تتناحر حول أحقية هذا الطرف أو ذاك، في تملك أو انتفاع، أو استغلال للأراضي السلالية وأراضي الجموع، فتتعالى مظاهر الاحتجاجات والتنديد، جراء سوء تدبير هذا الملف. انه ملف أصبح يستدعي التدقيق والتحليل.
و إذ في الوقت الذي فتح المغرب أوراشا كبرى لتحديث مؤسساته، ودمقرطة حياته العامة، وتطوير نموذجه التنموي، نسجل هذا التراجع، في تدبير ملف أراضي الجموع، باعتماد أسلوب تقليدي، يعيد إحياء ما هو قبلي، ينبني على نزوع عرقي، يحكمه منطق العرف. و على هذا الأساس، لا بد من انخراط الجميع، دولة ومنتخبين، وباحثين مهتمين، وذوي الحقوق أنفسهم، في إيجاد الحلول الملائمة، لهذا الإشكال البنيوي المتشعب، ولنجعله المنطلق نحو تنمية حقيقية للبلاد.
ســـــــــؤال:
عقدت اللجنة الموضوعاتية المهتمة بدراسة ملف أراضي الجموع،مؤخرا اجتماعا تدارست فيه سبل معالجة القضايا والإشكالات التي يطرحها، هل لك أن تلخص أهم مستجد جاء في هذا اللقاء؟
جـــــــــواب:
يأتي انعقاد لقاء اللجنة الموضوعاتية المهتمة بدراسة ملف أراضي الجموع اليوم، للتحضير ليوم دراسي، نحرص من خلاله، على إشراك كل الأطراف المعنية و المتدخلة في هذا الملف، لوضع الآليات، وطرح التصورات الكفيلة بمعالجة الإشكالات التي يطرحها، وبتناول يستحضر كل أبعاده القانونية، الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والحقوقية. وقد انكبت اللجنة على اقتراح وتهيئ أرضية للعمل المستقبلي.
وجبهة القوى كانت دائما منخرطة، في تعاملها مع مثل هذه الملفات، وتوليها كامل الاهتمام والعناية، انطلاقا من دورها الفاعل في الحقل السياسي الوطني، ومن تمثلها العميق للمبادئ الأساسية في خدمة الوطن والمواطن، وانشغالها الدائم بمصالح البلاد العليا، في استمرار الإستقرار الضامن الأساس للتنمية والتطور.
فالمغرب اليوم مدعو لإدماج كل شرائحه الاجتماعية، وتعزيز تماسك نسيجه المجتمعي، لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية المطروحة على البلاد، وكذا العمل على مواكبة المستجدات، على المستويات القانونية والحقوقية،التي يعيشها المغرب خاصة مع دستور 2011 الذي أقر المساواة ، وتكافؤ الفرص، بين كافة أبناء الوطن بصفتهم مواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات اتجاه بلادهم.
ســـــــــؤال:
الجمعوي الحقوقي والباحث محمد فاريح، وبحكم اهتمامك بالموضوع، ما هو أصل الإشكال في الملف؟ وما التحدي الذي يطرحه في المستقبل؟
جـــــــــواب:
أصل الإشكال في ملف أراضي الجموع، أنه ذو بعد قبلي، عرقي تمييزي، تتحكم فيه أبعاد العرف، علما بأن الأعراف والتقاليد، تتعدد وتختلف، داخل مكونات القبيلة الواحدة، ثم بين القبائل والمناطق، وعلى امتداد جهات البلاد.منطق العرف زكته القوى الاستعمارية، خدمة لمصالحها، وكرست الميز والتفرقة بين المغاربة(نموذج الظهير البربري)وللأسف فالدولة، وبعد رحيل قوى الاستعمار، تعاملت مع الملف بمقاربة أمنية، وجعلت من الوعاء العقاري الخاص بأراضي الجموع سبيل للإغتناء غير المشروع من دون سياسة عقارية محددة و واضحة. الأمر الذي أصبح يستدعي إعمال مقاربة ذات أبعاد حقوقية واقتصادية واجتماعية و ثقافية. ينضاف إلى ذلك أن مسألة المشاريع المعتمدة في مجال التنمية وإعداد التراب، لم تستطع إحداث تغير اجتماعي، وفي كافة المجالات وبالخصوص البعد الثقافي، مما يعيق تحقيق تنمية شاملة وعميقة وحقيقية، يتم فيه الانتقال إلى وضع اجتماعي ثقافي أفضل، وذلك ببلوغ التغيير مستوى الذهنيات والعقليات. ولا يفوتني أن أشير هنا،إلىما تطرحه الظرفية الراهنة من ضرورة تغيير العقلية التي يدبر بها هذا الملف، خاصة في العالم القروي، وعلى رأسها مؤسستي الوصاية ونائب أراضي الجموع وظهير 1919 في جانب التشريع.
أجرى الحوار وأعده:
عبد الرحيم بنشريف