“استراتيجية انبثاق” رؤية تنظيمية متجددة لحزب جبهة القوى الديمقراطية، ترتكز على تراكم نضالي ربع قرني وتجسّد إرادة التجديد اليساري الحداثي بالمغرب.
استراتيجية انبثاق
رؤية تنظيمية متجددة لفعل اليسار الحداثي
رؤية للبناء على أرضية ما تحقق خلال ربع قرن من العمل الحزبي الجاد
مقدمة:
تعد ” استراتيجية انبثاق “وثيقة عمل منهجية لتجديد وتأهيل عمل الحزب، كرؤية تنظيمية استشرافية قائمة على تحليل دقيق للراهن السياسي العام بالمغرب، وما يتطلبه السياق النضالي والآفاق التأطيرية والفكرية للحزب في صفوف المواطنين، تجسيدا لبرنامج العمل الإجرائي التدبيري والتواصلي في مختلف تمفصلات الحياة الحزبية الداخلية والخارجية للجبهة.
وتعكس ” استراتيجية انبثاق “المضامين البارزة للرؤية المجددة للعمل الحزبي اليساري، المتطلع لبناء دولة الحق والمؤسسات، ولمجتمع الحداثة، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية والمجالية، بما يحقق نهضة الوطن، وتكريم المواطن.
وهي تعكس الإرادة الأكيدة لاستثمار الدينامية السياسية والتنظيمية المنبثقة عن المؤتمر الوطني السادس، من أجل استنهاض العمل الجماعي المنظم، عبر تثمين قيم الانفتاح الفكري والتنظيمي، وتعزيز التشاركية وتلازم المسؤولية بالمحاسبة، وترسيخ نهج تكافؤ الفرص والتجديد المنتظم لعمل وتكوين أجهزة الحزب، وتشجيع النقاش الحر والنقد الذاتي البناء.
وفي هذا السياق، فإن العرض السياسي المتجدد للجبهة، كما تلخص أهم مضامينه الفكرية ” استراتيجية انبثاق ” يتضمن أيضا بعدا تدبيريا جديدا، يتلاءم وخصوصيات وتحديات المرحلة، كما يتوافق مع أحدث التدابير والوسائل التنظيمية واللوجستيكية والتواصلية الناجعة لتدبير الحياة الحزبية، في مختلف تجلياتها لتحقيق الأهداف المرسومة.
من هذا المنطلق، تشكل “استراتيجية انبثاق” أيضا منهجية العمل الاسترشادية لمناضلات ومناضلي الجبهة في مختلف مناحي تواجدهم الحزبي، ونطاق اشتغالهم عبر مختلف المواقع التنظيمية. وهي بذلك بوصلة العمل الميداني في أفق تدبير أمثل للحياة الحزبية وطنيا، جهويا ومحليا.
وتستمد ” استراتيجية انبثاق “شرعيتها التنظيمية ومشروعيتها الفكرية من تقييم موضوعي وتأصيلي لمختلف المحطات التاريخية التي قطعها الحزب، ومن خلال استقراء مجمل تراكمات الرصيد النضالي الجماعي لأجيال من المناضلات والمناضلين، وكذا من خلال استخراج أهم الخلاصات والأفكار التي أنتجها الفكر الجمعي للجبهويات والجبهويين، منذ ربع قرن من العمل، والاجتهاد والتجريب، والتقييم، والتقويم للبرامج والوثائق والتحاليل النظرية.
يشكل التنظيم الحزبي الإطار الذي يحدد شكل وآليات نشاط الحزب لتحقيق أهدافه، باعتباره التجسيد العملي للعلاقة بين الفكر والممارسة. بمعنى أن التنظيم هو ذلك التجسيد للعلاقة بين المشروع المجتمعي وطرق النضال من أجل تحقيقه على أرض الواقع. لذلك فإن الرسالة النبيلة الملقاة على عاتق الجبهويات والجبهويين، اليوم، انطلاقا من القناعة الفكرية المشتركة، ومن الإيمان بقيم اليسار الديمقراطي التنويري، المتحرر من الدوغمائيات، والمنتصر لقيم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمجالية، هي مواصلة التعبئة الجماعية لتجديد المسيرة التنظيمية لجبهة القوى الديمقراطية، واستثمار رصيدها النضالي، منذ مرحلة التأسيس.
إن المسيرة المتوخاة هي تلك الكفيلة بأن تبوأ حزب جبهة القوى الديمقراطية مكانته المستحقة ضمن أسرة اليسار التقدمي المتجدد، وتجعله يكسب الرهانات المشتركة لعموم مناضلاته ومناضليه، جانب مختلف مكونات الصف الحداثي الديمقراطي بالبلاد، في القادم من الاستحقاقات النضالية والسياسية. ذلك، لا غرابة أن الأحزاب التي تدخل معارك سياسية وفكرية دون تنظيم محكم، تعوزها القدرة على التحرك والنجاح، بل وتفقد مبررات وشرعية وجودها وعملها أيضا.
وانطلاقا من هذا الوعي، تنكب أجهزة الحزب على تنفيذ مضامين هذه الوثيقة، المبلورة لرؤية تأطيرية متجددة. من أجل توضيح المهام التنظيمية في مجالات الهيكلة، والمقاربات التدبيرية لهياكل وقطاعات وفعاليات الحزب، مع التركيز على تنمية الانخراط في المشروع السياسي لحزب جبهة القوى الديمقراطية، وتوسيع مجالات العضوية والتأطير فيه، وتهيء المجالات والشروط المناسبة لتأهيل الكوادر الحزبية وتنشيط الحياة الحزبية للجبهة على مختلف الأصعدة الترابية والقطاعية.
إن مهاما من هذا القبيل تشكل، في الواقع، عصارة الاجتهادات المشتركة لمسيرة الحزب، بما يبلور رؤية موحدة ودامجة ومشذبة تروم تحديث الحزب وتطويره، ليلعب الأدوار المنوطة به سياسيا ومجتمعيا، ويؤكد حضوره النضالي والتواصلي المؤثر في الساحة الوطنية، وفي قضايا الوطن، باعتباره حزبا يساريا يمثل مسارات أجيال من المناضللات والمناضلين اليساريين الديمقراطيين، الحاملين لمشروع مجتمعي حداثي ينهل من روافد حضارة المغرب وإنسيته الغنية، ومنفتح على القيم الإنسانية التقدمية. وبناء عليه، فإن الرؤية الانبثاقية الجديدة.
وهي الرؤية التي تشكل دعوة حزبية جماعية لمختلف مكونات العائلة الفكرية لجبهة القوى الديمقراطية، لتكثيف الجهود وتجسير الإرادات الحسنة وتجميع الطاقات النضالية الراهنة والكامنة، للعمل سويا بغية النهوض برسالة الحزب النضالية والمجتمعية النبيلة، والتعبير القوي عن جوهرها، والعمل على نشر وتقديم العرض السياسي المتميز للحزب في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية.
إن أهم الغايات البارزة لاستراتيجية انبثاق تتمثل في عملية تحيين وتجديد كبيرتين، وبالغتي الأهمية والدلالات القيمية والسياسية، بمستتبعاتها التأطيرية والتنظيمية، لما تقبل عليه جبهة القوى الديمقراطية، معززة برصيدها وتاريخها النضالي، وباسترجاع فعالياتها النضالية الأصيلة. وهي مقبلة على مرحلة انفتاح عقلاني ومنظم على طاقات وإمكانيات فكرية وتنظيمية ومجتمعية نوعية، وجب على الحزب قيادة وهياكل وتنظيمات قطاعية وترابية وسوسيو ثقافية ومهنية، خوضها بما يلزم من الذكاء والتفاعل المعقلن، والطموح الاستشرافي المطلوب.
وتطرح في هذا السياق ضرورة استخراج الخلاصات الضرورية من التجربة الميدانية، التي عاشتها الجبهة، منذ تأسيسها سنة 1997، وعبر مختلف المراحل التي قطعتها بتحدياتها وسياقاتها المتباينة، كدينامية سياسية مفتوحة ومنفتحة، فكريا وتنظيميا، من أجل استعادة تملك القدرة على بناء “الحزب الجماهيري المنشود”، الحزب المؤسسة في تدبيره، والمعتز بهويته الفكرية والنضالية، اللاحمة للخصوصيات، ولغنى التجارب وتنوعها بتنوع مسارات مناضليها، كقوة سياسية حداثية واقتراحيه، برؤية تداولية بانية، ذات الخصائص اليسارية التقدمية، والحداثية العصرية.
فاستراتيجية انبثاق التي تباشرها جبهة القوى الديمقراطية اليوم، كخلاصة للنقاشات الداخلية العميقة، التي انطلقت مباشرة بعد انتخابات 2016، ونتائجها المخيبة للآمال، بكل ما تقتضيه من استقراء موضوعي وتحليل نقدي، بنزاهة وشجاعة أدبية ونقد بناء، والتي أخذت زخما فارقا منذ المؤتمر الوطني السادس، ليست خطة في حيز زمني أو دائرة مغلقة، بل هي رؤية و إطار لاستراتيجية مستقبلية تحديثية وتحيينية متعددة الأبعاد، بمعنى أنها أفق ومنهجية عمل للحاضر والمستقبل وفقا للسياقات والتحديات المطروحة على الحزب، والمتطلبة للجهد الجماعي لمناضلاته ومناضليه، ولاجتهاداتهم واجتهاداتهن النظرية والعملية.
إنها استراتيجية مفتوحة على آراء كل المناضلات والمناضلين، في كل التنظيمات والهياكل المحلية والإقليمية والجهوية والقطاعية والموازية، بما يجعلها أرضية مؤطرة وحاضنة لمختلف الإسهامات الفكرية والبرنامجية، وباعتبارها بوصلة موجهة لعملية إعادة بناء الحزب وتقوية إشعاعه النضالي الميداني، وتأهيل قدرته على المساهمة في تأطير المواطنين والتعبير عن تطلعاتهم وقيادة المبادرات والعمليات التعبوية والترافعية حول قضاياهم المشروعة، وهي الإطار المرجعي للمشتل التنظيمي بمختلف هياكله المستقبلة والمؤطرة والمنتجة للأفكار وللنخب، وبما يعيد تأهيل موارد الحزب البشرية والتنظيمية ويعزز قدراته التمثيلية والانتخابية خلال الاستحقاقات المقبلة.
ولذلك تعتمد استراتيجية انبثاق على مجموعة من المبادئ والمرتكزات، تشكل الدليل المرجعي لأهم القيم المؤطرة لفكر وسلوك مناضلات ومناضلي الحزب.
تكتسي استراتيجية انبثاق طابع عمليات تنظيمية محددة في الزمان والمكان لإعادة هيكلة الحزب ترابيا وقطاعيا، وذلك في تناغم مع فتح الباب للانخراط وتنمية وتأهيل العضوية في صفوف جبهة القوى الديمقراطية. وتجد الإشارة إلى أن هذه الإستراتيجية ليست مجرد حملة تنظيمية بقدر ما هي إطار لإعادة بناء الحزب، وتجديد انطلاقته، بتصور جديد لمغرب يتجدد.
وتتأسس هذه الاستراتيجية على التشبث بهوية جبهة القوى الديمقراطية، باعتبارها حزبا يساريا تقدميا حداثيا، وذلك عبر الاعتناء بالبعد الفكري في البناء التنظيمي، من خلال توجيه انفتاح الحزب نحو المؤمنين برسالته النضالية والفكرية، وجعل التنظيمات تهتم بتأهيل المناضلات والمناضلين وبتكوينهم النظري، من أجل ضبط السلوكات التنظيمية على إيقاع القناعات الفكرية، ومحاربة الانحرافات، التي تجعل أداء الحزب لا يترجم بوضوح خطه السياسي.
وهي تقوم على الربط الخلاق بين إعادة بناء الحزب ومهامه النضالية، من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع، والدفاع عن الوحدة الوطنية، المجسدة لقيم التعددية، والديمقراطية، والحرية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية والمجالية، وحقوق الإنسان في شموليتها ونسقيتها. وهي مهام تجعل من جبهة القوى الديمقراطية حزبا مؤمنا بالبناء التشاركي لمجتمع قوي ديمقراطي، حداثي ومتضامن، يثمن قيم العمل المنتج، ويدمج الفئات والمجالات الهشة، ويكافئ الجهود والمخاطر المنتجة، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص ما بين أفراده وفئاته ومجالاته.
وتهدف هذه الإستراتيجية، بالأساس، إلى تكثيف مهام التنظيم، باعتبارها مهام مركزية في عملية إعادة بناء الحزب، مع ما يتفرع عنها من مهام إستراتيجية، نتحمل فيها جميعا المسؤولية، لتثمين موارد الحزب البشرية، وتحرير طاقاته الفكرية.
وهي تراعي في كنهها وأهدافها التناغم والملائمة الضروريين مع مجمل المضامين الواردة في النظامين الأساسي والداخلي للحزب، وفي دليل المناضل، وفي كل الوثائق التي تشتغل على القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى الخطط التواصلية للحزب. وتستند إلى مرتكزات مرجعية، قيمية. هي كالتالي:
ولتكريس أفق وأبعاد “استراتيجية انبثاق ” وفقا لتصور تنظيمي، تدبيري وعملياتي واضح المنطلقات محدد المبادئ والغايات، تم تسطير هذه المهام من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: مهام التأطير وتثمين الطاقات القطاعية والترابية.
ويستهدف هذا المحور:
المحور الثاني: تأهيل الجهد التنظيمي للحزب.
المحور الثالث: مأسسة وتحديث الحياة التنظيمية.
يهدف العمل الحزبي من خلال هذا المحور إلى ما يلي:
المحور الرابع: واجهة العمل الجماهيري.
لتنشيط حضور الحزب داخل أوساط العمل الجماهيري يتعين العمل على ما يلي:
المحور الخامس: تنشيط الدبلوماسية الموازية.
تكتسي المهام المرتبطة بتوسيع وتنمية العضوية أهمية قصوى لضمان تعدد مصادر قوة الحزب الذاتية، إلى جانب الحفاظ على وضوح وقوة الخط السياسي، وصيانة مصداقية الحزب على مستوى تمثيل المواطنين وتمثل حاجاتهم وتطلعاتهم، وتجسيد تحقيقها بالملموس. واعتبارا لهذه الأهمية تقترح استراتيجية انبثاق برنامجا وطنيا مكثفا يتميز بالخصائص التالية:
واعتبارا للخصائص المهام التنظيمية المندرجة في استراتيجية انبثاق، وللأهمية الملحة للبرنامج الوطني لإعادة الهيكلة الترابية، تقترح الاستراتيجية أجندة ينبغي احترامها، هي كالتالي:
وفيما يتعلق بالقطاعات السوسيو-مهنية والتنظيمات الموازية، تقترح استراتيجية انبثاق مواكبة إعادة هيكلة القطاعات الموازية، وبرمجة أجندة مضبوطة لفتح أوراش إعادة هيكلة كل القطاعات والتنظيمات وتنشيط عملها.
خاتمة:
هذه هي أهم مضامين استراتيجية انبثاق، بما هي استراتيجية لإعادة بناء الحزب، لضمان انبثاقه من صلب ظرفية وطنية صعبة، تضغط على الحياة السياسية الوطنية، في اتجاه إبداع حلول تنموية، يكون صلبها الإنسان. ولكي يتوفق الحزب في خلق جو التعبئة النضالية لإنجاح هذه الاستراتيجية، التي تهدف بالأساس إلى التخطيط لمستقبل الحزب، وجعل الولاية الحالية الممتدة من المؤتمر الوطني السادس لسنة 2022 إلى المؤتمر الوطني السابع سنة 2026 ولاية تنظيمية بامتياز، يتعين على جميع مناضلات ومناضلي الحزب، من مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم الانخراط الجماعي في إغناء وتنفيذ محاور هذه الاستراتيجية.
حزب جبهة القوى الديمقراطية يرحب بكم ويوجه لكم الدعوة للانضمام إليه ، حيث تجتمع الخبرة والحماس، وحيث يمكن لكم أن تكونوا جزءًا من تاريخ نضال لبناء الحزب الكبير
اشترك في النشرة لتلقي جميع الأخبار من حزب جبهة القوى الديمقراطية